للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يوغسلافيا وكلفهم بوضع تفسير جديد للتعاليم الشيوعية يوفق بين جوهر الفلسفة الماركسية وبين بعض النظريات والمبادئ السياسية والاقتصادية والثقافية التي تعيش عليها الدول والمجتمعات في أوربا الغربية والعالم الجديد وتوخى هذا التفسير الجديد أهدافا محدودة منها التأكيد بصلاح الشيوعية لتشييد المجتمع المثالي ليوغسلافيا ولجميع الشعوب.

ومنها رفض أساليب ستالين ومكتبه السياسي وسياسة (الكومنفورم) لبناء المجتمع الشيوعي. انتقدها انتقادا لاذعا ووصف الاتحاد السوفيتي بأنه دولة استعمارية سلاحها البطش والعدوان.

ومن هذه الأهداف كذلك تحرير الجاهز الحكومي في يوغسلافيا الشيوعية من المركزية الصارمة، واقتباس نواح من فن الإدارة (الديمقراطية) المصطلح على أتباعها في الغرب، بحيث تنتفي من المارشال تيتو وحكومته التهم (الديكتاتورية) الموجهة إليه من أوساط الغرب ومن بعض الأوساط اليوغسلافية التي تأثرت بالغرب وآرائه ومعتقداته وتحليلاته السياسية عن الوضع اليوغسلافي.

وأخذ التفسير اليوغسلافي الجديد للشيوعية يتفلسف ما استطاع ليجعل من المارشال تيتو صورة تخالف الصورة المعهودة في الغرب عن ستالين؛ وهي صورة الحاكم المستبد الذي لا ورد لأمره، والذي يستند في تنفيذ مآربه إلى جهاز دقيق من البوليس السري، فيتعقب الناس ويسترق آراءهم ويبطش بهم إذا ألمت بهم شعوبية أو أضمروا سوءا للعهد القائم.

وخلاصة القول في هذه الإيديولوجية الشيوعية الجديدة التي يحاول تيتو وباسطتها التوفيق بين ماركسيته ورأسمالية أصدقائه الجدد في المعسكر الغربي. . أنها كما يقال وزير الدولة اليوغسلافي (ميلوفان دجيلاس).

(استنباط فكري لا سابق له. فبلادنا الصغير (يوغسلافيا) بلاد جريحة ولم يكتمل نموها بعد. وعليها أن تناضل لا لتنمية مرافقها فحسب بل لصيانة كيانها القومي).

أليست هذه المحنة التي دفع إليها الشعب اليوغسلافي أشبه بالمحن التي تنتاب معظم البلدان في آسيا وفق شرفنا الأوسط؟ - بلاد متخلفة تحاول أن تنمي مرافقها وتقوي كيانها القومي في آن واحد، وفي وجه تيارات سياسية واقتصادية وثقافية تهب عليها من الفريقين المتخاصمين اللذين يهيمنان على مقدرات العالم هذه الأيام.

<<  <  ج:
ص:  >  >>