للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولكن الغزل السياسي والدبلوماسي الذي أخذ يزداد في الآونة الأخيرة بين يوغسلافيا وبين دول أوربا الغربية وأمريكا الشمالية شق الطريق إلى صميم المجتمع اليوغسلافي الشيوعي وحمل إليه ألوانا من الفكر والأدب والفن الغربي (الرأسمالي) فأوجد تشويشا في الفكر والثقافة والعقيدة الشيوعية السائدة بين ولاة الأمور في يوغسلافيا وبين طبقات المجتمع اليوغسلافي. فالأفلام الأمريكية، والقصص والبحوث الفرنسية، والصحف والمجلات البريطانية، وجوقات الموسيقى والمسرح الأوربية والأمريكية. . أصبحت الآن أشياء مألوفة لدى المواطنين اليوغسلافيين، بعد أن انقطعت صلتهم بالحياة والفكر الغربي عشر سنوات طوال.

ونتج عن هذه الغزوة الثقافية أن تأثر عدد من أبرز أعضاء الحزب الشيوعي في يوغسلافيا، وصناع السياسة وقادة الفكر فيها بهذه التيارات الفكرية، وظهر هذا التأثير في موجات من النقد الخافت الموجه إلى النظام الشيوعي وأساليب تطبيقه؛ الأمر الذي أزعج المارشال تيتو وأعانه الخلص من الماركسيين المتعصبين للتعاليم الشيوعية. وقد أعرب عن هذا الانزعاج المارشال نفسه في خطاب ألقاه مؤخراً، ندد فيه بهذه الشعوبية وود لو أن يوغسلافيا طهرت نفسها من هؤلاء الشعوبيين، حتى أو استدعى ذلك إقصاء مائة ألف شخص من عضوية الحزب الشيوعي. . وهذا تعبير يعكس ما يتعرى المارشال من قلق وانزعاج.

وكرر (موشي كرولجي) وزير خارجية تيتو هذا التنديد في تصريح آخر حذر فيه هؤلاء الشعوبيين بأن من حق الدولة الشيوعية ومن واجبها أن تضع حدا للتيارات الشعوبية التي أخذت تنتشر في أوساط المجتمع اليوغسلافي بفعل البضاعة الفكرية الواردة من أوربا الغربية وأمريكا الشمالية.

وقد عزز المارشال تيتو القول بالعمل، فأخذ يقصي عن مراكز الحكم نفرا من أهم أعوانه من الذين ألموا بهذه الشعوبية لكنه لم يستطع أن يضع حدا لهذا الاتجاه الطارئ، فلم يفرض رقابة على البضاعة الفكرية الواردة من أوربا الغربية وأمريكيا الشمالية خشية أن يفقد عطف المعسكر الغربي بعد أن اختار القطيعة التامة مع المعسكر السوفيتي.

ولم يجد تيتو بدا من أن يلجأ إلى المساومة. فاختار نفرا من قادة الفكر الشيوعي في

<<  <  ج:
ص:  >  >>