للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الفكر الماركسي. . ألا وهو تحديد السلطة المركزية التي يمارسها (الوطن الأم) وهو أول بلد يتوطد فيه النظام الشيوعي - على بقية الدول الشيوعية التي تنتمي إليه بالولاء وتشاركه في السلوك وتؤمن بما يؤمن به من ضرورة تشييد المجتمع الشيوعي الأكبر في هذا العالم المترامي الأطراف.

ذلك لأن المارشال تيتو وأعوانه في الحكم لا يزالون يؤمنون ويطبقون التعاليم الشيوعية كاملة في يوغسلافيا، ولا يزالون يعتقدون بأنها أفضل النظم للعالم بأسره، ولا يزالون تواقين لمناصرة الحركات الشيوعية في كل مكان كما تشهد بذلك مواقف الحكومة اليوغسلافية في هيئة الأمم وفي خارج هيئة الأمم في دفاعهم عن وجهة النظر الشيوعية في معظم المشاكل الدولية التي دعين يوغسلافيا لإبداء رأي فيها، أو تولت - غير مدعوة - لإبداء الرأي، ولكن المارشال تيتو يرفض أن يمتثل لزعامة موسكو وهذا الرفض هو سر القطيعة بين تيتو وستالين.

ومما لا ريب فيه أن هذا الخلاف مبعثه حدة القومية اليوغسلافية ورفضها الانقياد لدولة أجنبية حتى لو كان في ذلك خروجا على المبدأ الماركسي الذي يصر على العمل الموحد والتناسق الدقيق بين الوطن الشيوعي المركزي (وهو الآن الاتحاد السوفيتي) وبين الدول الشيوعية المنتمية إليه كما يعترف وزير الدولة اليوغسلافي (ميلوفان دجيلاس) في عدد أبريل سنة ١٩٥١ في مجلة الشؤون الدولية اللندنية.

ثم إن هناك تطورا آخر على قسط كبير من الأهمية في مستقبل الحركة الشيوعية العالمية عقيدة وتطبيقا لتطور مجسم عن القطيعة بين موسكو والمارشال تيتو، وهو أمر يمس صميم التعاليم الماركسية وشروح لينين وستالين عليها - وهي إنجيل الشيوعيين في كل مكان. فالحركة الشيوعية في يوغسلافيا تمر الآن في انقلاب فكري خطير مبعثه نضال المارشال تيتو لبناء المجتمع اليوغسلافي على أسس ماركسية صادقة دون أن ينتظر العون والتأييد والإرشاد والتوجيه من الاتحاد السوفيتي ومن (الكومنفورم) الذي هو في الواقع دائرة عظيمة النفوذ تابعة لوزارة الخارجية الروسية. ولقد وجد المارشال تيتو نفسه منفردا في مسعاه يواجه تحديا عنيفا في منطقة النفوذ الشيوعي في أوربا الشرقية والبلقان ويتقاعس عن الارتماء كليا في أحضان المعسكر الغربي.

<<  <  ج:
ص:  >  >>