(بلاد الأحرار هيكل الشعور والحرية)
(نلجأ إليها ونعتز بها)
إنه ليس بوسعي أن أصف لكم مبلغ ما أحدثه هذا النشيد من الأثر البالغ في نفسي. . . فقد أصغت صوابي لعدة دقائق. . . وعندما عاد إلى رشدي وجدت الضيوف قد انقسموا إلى جماعات والكل يتحدثون.
جاءني جماعة منهم وأخذوا يجاذبونني أطراف الحديث كما لو كانوا من معارفي منذ مدة طويلة. . . فعلمت أن هؤلاء أيضاً مثلي قدموا هذه الديار عند بحثهم عن الحرية.
وبعد هنيهة أخذت أطوف الأقسام الأخرى أيضاً من البناية. . كانت الغرف والقاعات قد فرشت بفرش ساذجة، ولكنها تلمع من شدة النظافة. . والجدران مزدانة بعدد كبير من الصور الفنية الغالية والألواح النفسية.
وعلى معظم هذه الألواح دونت مواد دستور بلاد الأحرار بخط رائع جذاب. . . كانت ثمة كتابات أخرى أيضاً لفت نظري منها.
(الحريص يكتوي بنار حرصه ويحرق ما حوله)
(الكلام أول صوت إلهي شعر به الكون)
(الاستبداد معرة متوارثة من عهود الهمجية)
(العدل ميزة تثير غبطة الملائكة للإنسان)
(التضحية من أسمى مظاهر النفس البشرية)
(نكران الذات والتواضع خلتان يختص بهما ذوو الأرواح السامية)
(الغرور والعجرفة دليلان على سقوط النفس وضعة القدر)
كان ثمة بهور رحيب في ركن من البناية يضم في أرجائه الفسيحة مكتبة الدار. . وعلى منضدة تمتد على طول البهو صفت أشتات من الجرائد والمجلات والكتب، كما أن الرفوف كانت عامرة بآلاف المجلدات.
كان أغلب الضيوف حاضرين هنا. . . وكانوا جميعا مكبين على المطالعة والتأمل.
واقتربت أنا أيضاً من المنضدة. . فوقع نظري على كتاب عليه هذا العنوان: (فذلكة من تأريخ بلاد الأحرار)