للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

إن ما رأيته بحيط بي قد بعث في نفسي من الحيرة والدهش أضعاف ما بعثه فيهما ما كنت قد قرأته من المواد والنصوص.

فقد علمت أن الدار التي أسكنها دار ضيافة، وأن هناك عدة دور أخرى مماثلة لها في المدينة خاصة بالذين يلجئون إلى بلاد الأحرار.

وكان معي في الدار ضيوف آخرون يبلغ تعدادهم عشرين ضيفاً بينهم نسوة.

وفي اليوم التالي أفضى بي الشيخ الذي فتح لي الباب إلى قاعة الطعام العمومية، ثم قدمني إلى الضيوف الذين كانوا قد اجتمعوا هناك؛ قائلا:

- ضيف جديد!

رحب بي القوم جميعاً بوجوه تطفح بشراً وإيناسا، ونظرات تفيض رقة وحنانا، ثم قال الجميع بصوت واحد:

- هنيئا لك!. .

كان الطعام وافراً ساذجا. . وبعد انتهائنا من تناوله، انتقلنا إلى البهو، وهنا جلست إحدى السيدات إلى المعزف، وأخذت توقع ألحانا مؤثرة

نهض الضيوف جميعا، وأخذوا ينشدون بصوت واحد نشيدا أشبه شيء بالدعاء. . . فنفذ لحن هذا النشيد إلى شغاف قلبي، وشعرت شعورا غامضا لا سبيل لي الإفصاح عنه

وهنا خاطبني الشيخ قائلا:

- يجب أن تحفظ هذا النشيد!

ثم ناولني ورقة مكتوبة فإذا أنا أقرأ فيها:

(ما أصعب أن يكون المرء حرا)

لست بمتذكر نفس الأقوال التي كانت قد وردت في ذلك النشيد، ولكنني أستطيع أن أقول إن خلاصتها كانت لا تعود ما يلي:

(الإنسان شعور الكون)

(نعبده ونقدسه)

(الحرية جوهر الشعور المقدس)

(نحبها ولا نتخلى عنها)

<<  <  ج:
ص:  >  >>