للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

بعضهم أن يعود إلى الإذاعة، وأن يطلق أبواق الثناء عليه في كافة الصحف!

لماذا. لمجد أن المنافسة القاسمة على الحظوة بالرضى الملكي السامي قد أبعدت قوماً وقربت آخرين

ولكن أحداً لم يسأل، ولم يعرف، فيم كان هذا الخلاف؟

إنه لم يكن قطعاً خلافاً على مبدإ، ولا على حق من حقوق الشعب، ولا على خطة ولا على فساد. إنما كان خلافاً على الحظوة بلثم الأعتاب الملكية الكريمة!

ولم يقل أحد إن انتصار موظف على موظف في هذا السباق يجعل أحدهما شريفاً والآخر مجرماً. ولكن بعضهم قال هذا. وجاء بالمبعدين ليشرفوا على محطة الإذاعة من جديد، في العهد الجديد!

إنني آسف حين أضطر إلى لمس ذلك الموضوع الشخصي ولكن عذري أنه عنوان على عهد يجب أن يزول

إن محطة الإذاعة يجب أن تنفض نفضاً من أقصاها إلى أقصاها. إنها في حاجة إلى تطهير من نوع خاص. فلم يبلغ الدنس في جهة من جهات الدولة ما بلغ في محطة الإذاعة. وإن جدرانها لو نطقت لأفصحت عن كثير، مما لا يجوز نشره في الصحف: لا لأن القانون يحرمه، بل لأن كرامة النفس البشرية تأبى الإفصاح عنه!

ولا سبيل للتطهير والأشخاص الذي عاصروا مولد الإذاعة وسايروها باقون في مراكزهم بالمحطة. إن لهم صلات معينة بالوسط الإذاعي لا يمكنهم التخلص منها. وإن لهم سهرات معينة لا يمكنهم أن يتنازلوا عنها. وإن لهم ارتباطات معينة لا يمكنهم التنكر لها، ومهما حاول الوزير المختص أن ينقي جو الإذاعة من الشوائب فإنه سيظل عاجزاً عن الوصول إلى تلك الملابسات التي تتدخل في عقود الإذاعة. وإلا اضطر إلى مراجعة ظروف كل إذاعة وهذا مستحيل!

وإن عقلية الإذاعة يجب أن تتغير، فتنصرف إلى بناء أخلاق الشعب ومبادئه ومثله وأهدافه. وإلى بناء ثقافته وتفكيره وتعبيره، وغلى تعبئة قوى الشعب وعزيمته وأطماعه وأشواقه وإلى دراسة مشكلاته وتوجيهه وجهة سليمة

وهذا لا يكفي فيه تعديل البرامج، ولا تنحية فرد أو اثنين، إنما هو في حاجة إلى تنحية

<<  <  ج:
ص:  >  >>