للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

مجتمعاً من المجتمعات القديمة أو الحديثة خلا من هذه المحاسبة. وقد تتخذ هذه اليقظة طابعاً حزبياً في بعض الحالات إلا أنها على وجه العموم تستند إلى طبيعة السلطة وطبيعة السلوك الإنساني وغلى تأصل القيم الأخلاقية في المجتمعات مهما تراكم على هذه القيم من الأطمار البالية

إذن فتعريض القيم الأخلاقية في الوظيفة الحكومية إلى المحاسبة الحزبية أو الشعبية مسؤولية ديمقراطية، وحد اجتماعي مهما صاحب هذه المحاسبة من نزوات الساسة ومآرب الذين يصطادون في الماء العكر

وقد وجد أعضاء المجمع الأمريكي للعلوم السياسية والاجتماعية أن دراسة القيم الأخلاقية في الوظيفة الحكومية اجتهاد يتطلب أكثر من الأمانة العلمية - يتطلب لباقة وسعة صدر تأخذ بعين الاعتبار نقاط

الضعف في الطبيعة البشرية؛ وتشعب المسؤولية الحكومية وتعرضها إلى ضغط أو إغراء أسبابهما في تضارب المصلحة الشعبية العامة مع المصلحة الخاصة لأرباب النفوذ من علية القوم أو من أرباب المصالح الاقتصادية والسياسية؛ ومن ثم يتيقن من أن مصادر الشبهات التي تحوم حول المسؤولية الحكومية المتهمة ليست مصادر مغرضة. فحقائق هذه الشبهات قد تضع في كثير من الحالات في ثنايا الاجتهاد الخاطئ الذي تنشره الصحافة في الرأي العام لأسباب تتعلق بفن السبق الصحفي ونفسية القارئ وإدراك الصحفي للعوامل المثيرة التي تستجلب انتباه القراء. والناس أميل إلى أن تحمل نوعاً من الحسد الدفين لذوي السلطان ومن هم في مركز إداري مسؤول، والناس أميل إلى تناقل الأنباء السيئة منهم إلى التحدث عن الأمور الحسنة التي ينظر إليها الناس على أنها من تحصيل الحاصل لا تتطلب تعليقاً

ومقاييس القيم الأخلاقية في الوظيفة الحكومية هي مقاييس غامضة لا يمكن بالضبط تحديدها على أساس مثال صادق , فأكثرنا يميل إلى وزن هذه القيم الأخلاقية بمقاييس معينة منها الاختلاس أو الرشوة أو ما شكلهما من أنواع المنفعة المادية. ولكن سوء استعمال المسؤولية الحكومية لا تقتصر على مثل هذه المقاييس فقط، بل يدخل في نطاقها الوساطة الشخصية لمآرب لا صلة لها بمنفعة مادية للوسيط أو للموظف المسؤول. وهذا يعني أن

<<  <  ج:
ص:  >  >>