ولذلك بعث إلى قنصل فرنسا يستدعيه، قبل أن يبدأ الجنود بالنزول إلى البر. . . وفي اليوم التالي عاد القنصل ومعه عدد من البحارة أرسلهم السيد محمد كريم لحراسته، وليعودوا به بعد أن ينتهي من مقابلته للفرنسيين
فأخبرهم القنصل بثورة الشعب وهياجه، واستعداده للنضال والمقاومة. . كما أخبرهم أن أسطولاً إنجليزياً يبحث عنهم في عرض البحر. . وأنه كان بالثغر ولم يغادره إلا عشية أمس الأول
فلما سمع نابليون حديث القنصل، خشي أن يباغته الأميرال نلسن بأسطوله، ولذلك أصدر أوامره إلى القواد بمحاصرة الإسكندرية، وتطويقها من ثلاث جهات
(وسارت القوة في منتصف الساعة الثالثة من صبيحة يوم ٢ يوليو بحذاء الشاطئ، فوصلت تجاه أسوار المدينة عند شروق الشمس، وأخذت تحاصرها في الضحى - الجنرال مينو من الغرب. . والجنرال بون من جهة باب رشيد. . والجنرال كليبر من باب سدرا - بينما وقف نابليون على قاعدة عمود السواري، واتخذها معسكره العام. . يرقب منها حركة الهجوم، ويصدر أوامره لقواد جيشه. . .)
ولم يكد السيد محمد كريم يرى الجيوش الفرنسية القادمة. . . حتى أصدر أوامره إلى أهالي الإسكندرية بالصعود فوق الأسوار، ومقابلة القوة بمثلها، وصد العدوان بالعدوان
ووقف بنفسه فوق قلعة (قايتباي) ومعه فريق من المقاتلة لا ليشرف على المعركة كما فعل نابليون، ولكن ليحارب بنفسه كما يفعل غيره من أهالي الإسكندرية، وليضرب لهم أروع الأمثلة في الجهاد والكفاح والتضحية
وحينما بدأت المعركة، وضع المصريون أرواحهم فوق أيديهم وباعوها رخيصة في سبيل الوطن، وجعلوا يمطرون العدو بوابل من رصاص بنادقهم
وكان السيد محمد كريم - طوال المعركة - يثير النفوس، ويستحث الهمم، ويقوي العزائم، وقد استطاع المصريون خلال هذه المعركة أن يواجهون الفرنسيين، ويقتلون منهم عدداً ليس باليسير. . .
وقد أصيب الجنرال كليبر أثناء الموقعة بعيار ناري في جبهته، كما أصيب الجنرال مينو بضربة حجر أسقطته من أعلى السور، وكادت تودي بحياته، ولذلك كتب الجنرال مينو إلى