وضع أساس هذا العهد الجديد، أولئك الذين صوروا آلام الأمة وأثاتها، والحجب المظلمة التي كانت تعيش فيها، أولئك الذين طالما ترقبوا مطلع النور الجديد، ورسموا صورة الزعيم المنتظر، فهؤلاء هم الذين أرضعوا النفوس لبان الثورة، وهم من حركتنا بمنزلة روسووفولتير في الثورة الفرنسية، ولكن مهمة جديدة الآن توشك أن تلزم شباب الكتاب، وهي (إبداع) اللون الجديد الذي يمثل العهد الجديد
عودة الغريب
كان الدكتور زكي أبو شادي صاحب مدرسة جديدة في الشعر، وكانت مجلة (أبو لو) من المجلات الفريدة، التي حملت لواء الدعوة إلى المذهب الابتداعي، وقامت بجهد ليس بالقليل، وأبرزت طائفة من الشعراء الشبان الذين لمعوا بعد ذلك في أكثر من مجال من مجالات الأدب والفن والصحافة والإذاعة
ثم بدا للدكتور أبو شادي أن يقيم في الإسكندرية فنقل مطابعه وصحفه إلى هناك، وأخذ يوالي عمله الأدبي هناك، غير أنه أحس أخيراً أن فترة من الحرج تمر به، وقيل أنه وقع في محنة (تقوى الإحسان)! وإن بعض خصومه الذين حمل عليهم بعنف، حمل على اتجاهاتهم الأدبية، استطاعوا في ظرف ما أن يضايقوه ويزعجوه، وأحس أنه لا سبيل مع ذلك إلى البقاء في مصر، وكانت طريقته في معاملة مريديه وأتباعه تقوم على أساس من الأخوة والوفاء والتضحية مما كان له أثره في حالته المالية
وأخيراً استقر رأى الدكتور أبو شادي إلى السفر إلى أمريكا؛ ولكنه فوجئ قبل أن يركب (الباخرة) بوفاة زوجته، فكانت نكبة أخرى ضاعفت متاعبه وآلامه
وقد نشرت (الرسالة) إذ ذاك هذه القصيدة العصماء التي ضمنها الدكتور ديوانه (نحو السماء) الذي طبعه في أمريكا ووزعه في العام الماضي
وسافر الدكتور أبو شادي إلى أمريكا واستقر في (نيويورك) وستقبل هناك استقبالا حافلا، وكان موضع تقدير البيئات الأدبية هناك
ومضت سنوات. . .
وأحس (أبو شادي) بالحنين إلى مصر، الحنين الجارف، وكانت لهب هذا الحنين تتبدى في قصائده وكتاباته، وبدأ يتصل بمصر مرة أخرى، وأحس أحباؤه وأصدقاؤه هنا بأنه يجب أن