وكان محمد فريد ومصطفى كامل، لا يلقيان ما يلقي سعد زغول أو غيره، من الحفاوة والتكريم والتقدير!
ولا يزال محمد فريد حتى الآن، لا يجد من مصر ما هو جدير به من تكريم بعد أن ضحى أغلى تضحية بذلها زعيم في سبيل بلاده!
وإننا لنرجو - وقد خلعنا ذلك الثوب القديم المهلهل، وجردنا الأدب والفكر والفن منه - أن نستقبل (موعد الذكرى) لأبطالنا والرجال الذين جاهدوا فينا على وجه كريم يليق بذكراهم وكفاحهم، وعلينا على الأقل أن نقيم تمثالاً لأمثال عرابي ومحمد فريد وجمال الدين وحسن البنا
والحق أنه ما من جريدة أو مجلة أوربية تفتحها عفوا، في أي موعد من مواعيد الذكرى، لبطل أو كاتب أو موسيقي أو فنان، إلا وتجدها حافلة بآثار هذا البطل أو الكاتب، على صورة مجددة، مشرقة
ذكرياته الصغيرة، أحاديثه العامة، فكآهاته، قصاصاته، خطاباته الغرامية، كل شيء حتى الأشياء الصغيرة التي لا يعيرها الناس التفاتاً
والأديب في هذا الميدان لا يقل عن الزعيم، كلاهما بطل، كلاهما جاهد وأدى واجبه، وبذل عصارة دمه وأعصابه وأفكاره في سبيل وطنه، في سبيل الحق والحرية والجمال
لماذا - كما يقول الأستاذ توفيق الحكيم - لا نضع لوحة تذكارية صغيرة على المنزل رقم ٢٣٢ ونكتب عليها، هنا كان يسكن (ألما زني)
وكرر هذا على المنازل التي سكنها سيد درويش، وكامل الخلعي، والرافعي، وفخري أبو السعود، وغيرهم!
إن هذه اللوحة الصغيرة لن تكلفنا شيئاً، ولكنها ستكون بعيدة الأثر في إحياء ذكرى الكاتب أو الفنان بعد مائة عام!
إننا في عهد البعث، عهد الإحياء، هذا العهد الجديد الذي جب كل ما كان قبله، العهد الذي يقوم على السواعد الشابة الفتية والنفوس المؤمنة الصادقة، التي ظلت تجاهد وتعمل حتى طلع الفجر من وراء الليل الأسود الطويل، وفي هذا العهد يجب أن نصنع كل شيء في