ويبذلوا الغالي والرخيص في سبيلها، لأنها أمنية كل مسلم يقظ، يعرف ما في الحكومة الإسلامية من خير وسعادة للفرد والمجتمع والإنسانية عامة، ولكن المؤلف في حديثه عن الحكومة الدينية يقف موقف المعارض لها بأسلوب فيه كثير من ألف والدوران يقول:(لا شك في أن الإخوان لم يطالبوا بالحكومة الدينية عبثاً. لقد رأوا بعض القوانين في مصر تبيح ما نهى عنه الدين، رأوا قانوناً يبيح الزنا وآخر يبيح الخمر، وهما محرمان ديناً فثاروا وطالبوا بتطبيق التشريع الديني في جميع الأحوال بلا استثناء، كما كان الحال في صدر الإسلام، وهذا هو موطن الدقة في الموضوع، هل جميع القوانين المدنية أدت إلى ما أدى إليه هذان القانونان؟ هل كل تشريع مدني فاسد؟ لو كان الأمر كذلك لكان التشريع الغربي بل تشريع العالم أجمع؛ عدا القسم من العالم الإسلامي الذي يطبق التشريع الديني فاسداً، وهو قول سخيف، فالتشريع يستوحى المصلحة العامة في كل الأمم قاطبة، والمصلحة العامة تلتقي مع الغرض الأسمى من الدين، ولا يجوز عقلاً أن يختلفا) ص ١٦٥ وموضع الخطر والخطأ في هذا الكلام أن الأخوان بنوا فكرة دعوتهم للحكومة الإسلامية حين رأوا قانوناً يبيح الزنا وآخر يبيح الخمر، والحقيقة غير ذلك، لأن كل من يدعو إلى الحكومة الإسلامية سواء أكان الإخوان أم غيرهم، يستطيع أن يجعل قانون الزنا والخمر مثلاً سبيلاً لقيام الحكومة الإسلامية، لأن مثل هذا السبب لا يصح أن يكون وحده أساساً لمثل هذه الدعوة، وإلا كانت هذه الدولة أخلاقية روحية فحسب، لا شأن لها في تنظيم المجتمع، وتنمية الثروة، والعلاقات الدولية. نعم إن من أهداف الحكومة الإسلامية، إقامة حدود الله ومنها حد الزنا والخمر. . . ولكن ليست هذه وحدها أيضاً مما تقول به دولة الإسلام
والسبب الحقيقي في قيام الحكم الإسلامي إنما هو الإسلام نفسه. . . . فالإسلام وجد ليحكم، ويؤسس دولة، ونشئ أمة، ويقود عالما، والعبادة فيه وسيلة لتربية الضمير الإنساني، ليعدل إذا حكم، وينصح إذا استشير، ويخلص إذا عمل، ويسعى للمصلحة العامة، ويدفع أذى الأعداء، والتشريع الإسلامي الذي هو قانون الحكومة الإسلامية، ينظم شؤون الدولة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، وهو صالح لكل زمان ومكان، لأنه قواعد عامة، وأصول مرنة، قابلة للتصور والاجتهاد. وقول المؤلف (بأن التشريع يستوحي المصلحة العامة في كل الأمم قاطبة، والمصلحة العامة تلتقي مع الغرض الأسمى من الدين، ولا