التحرير في فلسطين والقنال بثمن اللقيمات. . . ثم تعود هذه الأقلام الرفيعة إلى مصر من رحلاتها الفاجرة، لتقص على هذا الشعب المسكين جمال الباريسيات وعناد الألمانيات وطيش الأمريكيات، وتقول له - بوقاحة سافرة - هات ثمن هذه الزاد الفكري القيم، الذي أتعبنا به أنفسنا، وأرهقنا بسببه أعصابنا وتكلفنا في سبيل جلبه، إليك وعثاء الطريق، وتكبد نفقات السفر!!. . ويصدق الشعب المسكين هذه الأكذوبة ويعطيهم بغير حساب، ويقبل على ما يكتبون، فلا يجد به سوى دعوات الفجور بأسلوب تفوح منه ورائح الإثم
تريد الثورة أن تسكت الأقلام المأجورة التي اشتراها الدولار وغذاها الاستعمار، وأمدها فلم المخابرات لتسبح بحمد الدخلاء وتروج لسياسة الأغراب، وتنشر على الناس أساطير الديمقراطية وأكاذيب الأهداف الغربية. . . هذه الأقلام التي ولدت في مصر وشربت من نيلها الصافي وعاشت من خيرها العميم. . استهواها السين وبرح بها هوى التايمز، فأنكرت قوميتها وجحدت شرقيتها، وكفرت بالأمة وسخرت من الشعب، وألقت في النيل بأحجار المقت والكفران. . فهي تتحدث - بإكبار - عن الإنجليز في بلادهم، وتنسى الحديث عن الإنجليز في مصر والشرق، وهي تعشق فرنسا بلد النور والحرية والإشعاع، وتعمى عما تعمله فرنسا من وحشية واستبداد في بلاد المغربي العربي. ثم تبلغ بها الوقاحة منتهاها حين تزعم أنها تدافع عن حق الشعوب المضطهدة، بمثل هذه الأساليب الرخوة المتهافتة، التي لا تصدر عن ضمير حر وقلب متأثر. . . والعجيب في هذه الأقلام أنها إذا ما رأت طلائع الثورة، ولمحت أشعة الفجر، وعرفت أنها ستفضح وينكشف عورها، خرجت من الظلام، وطامنت من كبريائها؛ ونزلت من أبراجها، وأدلت بدلوها، وبرزت أمام الناس أقلاما حرة نظيفة، بسطور من النفاق تزخرفها، تضحك بها على الشعب الذي خذلته في أيام المحنة، وسخرت منه حين كان يطال بالحربة والاستقلال
تريد الثورة أن تختفي من السوق بضاعة الأدب الأسود، أدب الميوعة والمجون، والنفاق والتهريج، ليحل مكانه أدب قوي رصين يستمد أصوله من الماضي التليد والحاضر المجيد، ويبني بحكمة وقوة حضارة مصر والشرق، ويؤيد بحرارة وإيمان آمال العروبة والإسلام. . . وأصحاب الأقلام يعرفون قبل غيرهم أن الشرق العربي والعالم الإسلامي يعاني أزمة خانقة، يثيرها أعداؤنا في كتلتي الشرق والغرب؛ ويرون فينا لقمة سائغة تبتلعها أفواه