المسائل الحسابية على شراء الأرض، وأن لا يجري بيعها على لسان أبدا
وظهر في هذه الفترة كتابه (في القرية)، ويدعو فيه إلى تركيز القوى للنهوض بالفلاحين، وتوفير ما يكفي من الخدمات الصحية والتعليمية لرفع مستواهم، وتوفير عدالة اجتماعية في الحدود الممكنة
وأدرك السير (آرثر واكهوب) المندوب السامي على فلسطين آنذاك، والذي يتظاهر بصداقة الفلاحين، ويكثر من زيارتهم، والحفاوة بهم، على الرغم من دخول أكبر عدد من المهاجرين أيام حكمه، وكأنما كان يمثل دور الصياد الذي يبكي هو يذبح العصافير في القصة المشهورة؛ أدرك ذلك الداهية الأريب والجندي المدرب، وكان رجلا، قدر المؤلف الرجل، وقد صدق وطنيته - وكان للسير واكهوب ضمير إنساني حساس، يختلف عن ضميره الرسمي - فبعث إليه بكتاب يطفح بالشكر، وينوه بمجهوده نحو إصلاح القرية، ويطلب إليه المزيد من العناية، ويبارك عمله المجيد
من أبرز ما يمتاز به (أبو عمر)، الأستاذ الدباغ، إحساس عجيب يسبق الزمن، وما يجري وراءه من أحداث، أو قد تتمخض عنه تلك الأحداث من مفاجئات ونتائج. ومن مظاهر ذلك الإحساس انكبابه على تأليف موسوعة تاريخية في هذه الفترة أطلق عليها اسم (بلادنا فلسطين). وكأنما ألقى إليه من وراء الغيب، أو أدرك بحاسة سادسة عجيبة، أن أحداثاً جساماً في طريقها إلى تلك البلاد، تأكل الأخضر واليابس، وتمحو من سجل الوجود مدنا وقرى بأسرها، وتشرد أهلها
وقد كانت طريقته في تأليف تلك الموسوعة السير من المعلوم إلى المجهول. كان يسائل المعمرين عما يعرفون من تاريخ قراهم أو مدنهم، وأنسابهم، وكل ما يتصل بماضيهم من شؤون وشجون، حتى إذا ما دون أقوالهم، انقلب إلى مكتبة غنية بالمصادر أنفق جهداً ومالاً في سبيلها، يراجع وينقب، حتى يصل إلى بعض الحقائق فيما لديه من أقوال. قد يرفضها كلها، وقد يحذف بعضها، وقد يزيد عليها، وقد يدفعه البحث والتدقيق، عن حقيقة من الحقائق، إلى السفر من مدينة إلى أخرى، أو إلى قطر مجاور، حتى إذا فرغ من الأساس التاريخي لبحثه عن تلك القرية أو المدينة، أنصرف إلى البحث الحاضر، وهو أمر ميسور تبرع لمعاونته عليه عدد كبير من المعلمين والموظفين في مختلف الإدارات الحكومية،