هو الإنسان لا يتغير ولا يتبدل. لد كان الشرق الأدنى ولا يزال، مقابر القاتحين، في جميع عصور التاريخ، والجسر الذي عبرت فوقه موجات الحضارة، وموجات الفتح؛ ولم يعرف الزمان تاريخا معقداً مثقلاً بالحوادث الجسام كتاريخ هذا الجزء المتعب من العالم، يتصارع الأمم على وفرة خيراته وطيب مناخه، وموقعه الطبيعي الاستراتيجي وهو يربط أجزاء القارات الثلاث العظيمة
يقول الأستاذ في مقدمة كتابه:(هذا كتاب وضعته لطلاب المدارس الثانوية، وللطلاب الذين يستعدون لامتحان الاجتياز إلى التعليم العالي، إلا أن القراء عامة، في وسعهم أن يستفيدوا منه، إذ يطلعون فيه على صفحة من تاريخ الشرق العربي في العصور القديمة، وقد تبسطت في الكلام عن تاريخ بلاد الشام وعلى الأخص تاريخ القسم الجنوبي منها، وهو القسم الذي يعرف الآن باسم (المملكة الأردنية الهاشمية)، وكان يسمى قبلاً (فلسطين وشرق الأردن) وهذا البحث، على ما أعلم، لم يتعرض له أحد من المؤرخين على هذا الوجه)
وبعد، فلقد أطلت الحديث لقراء الرسالة الغراء، عن هذا الجندي، الذي طالما أبى عليه تواضعه إلا أن يظل مجهولاً، وأنا شديد الإيمان بأننا أحوج ما نكون إلى رجال من هذا الطراز يكونون مثلنا الأعلى في الحياة الجديدة الكريمة المقبلة التي تليق بكرامة الإنسان وهو يخطو على الصراط المستقيم الذي أقامته يد السماء، ليكون طريقه على ثرى الأرض، وهو يعبر إلى الطرف الآخر، المتواري في ضباب الغيب، في ركب الحياة