للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وانصرفت

قضيت مدة أتقلب على فراش الألم خائفاً مذعوراً مما سيحدث لي ولماني. لم أكن أشتكي في ذلك اليوم من شيء، غير أنني كنت منزعجاً مما سيحدث لي

وفي ذلك المساء أقبلت الممرضة قائلة:

- إن الأمل في نجاح العلمية كبير جدا، ولو أنهم لم يحبروا أحداً، وإننا سنعرف عنها في الصباح كثيراً

كنت أريدها أن تقول أنه سيعود كما كان دون أنت يكون في قولها هذا ذرة من الشك. لذا بقيت في حيرة من أمري، مما أثر في حالتي وأخر شفائي

وفي صباح اليوم التالي رأيت الممرضة مبكرة عليّ غير عادتها، فأحسست أن دقات قلبي توقفت، وأن الدم قد جمد في شراييني. وتمثل أمامي بعين الخيال ماني ممدداً على السرير جثة هامدة. ياله من منظر مخيف تقشعر منه الأبدان! وسألتها: ما هذه الضوضاء؟ هل هو ماني! هل. . . هل مات؟

- لا، ولكنه يسير من شيء إلى أسوأ، وقد سأل عنك، فهل في استطاعتك أن تذهب إليه؟

لم أحبها عن سؤالها، بل أسرعت في إلقاء الأغطية عني، وحاولت القيام فلم تسعفني أعضائي المنحطة، فجلست على مضض

حاولت أن أسترد قوتي، غير أن رأسي كاد ينفجر فأسرعت الممرضة نحوي، ومددتني على السرير بهدوء، ثم قالت بقلق ظاهر: سآتي بنقالة لحملك، فأخبرتها أنني قادر على المشي على قدمي، إذا هي ساعدتني. ففعلت، ووصلنا إلى غرفة (ماني)

انحنيت فوقه، وسألته عن حاله، فأجابني، وفي عينيه تلك النظرة البريئة الطاهرة: إن رأسي يكاد ينفجر، ولكنني أحببت أن أراك حيت علمت أنك أصبت أنت أيضاً، ورغبت أن أراك سليماً معافى

شعرت بالدموع تجري على خدي حارة غزيرة. يمكن أن يكون معتوهاً، ولكنني لم أر قلباً بريئاً طاهراً مثل قلبه

عرفت أن لم يتذكر ما فعلته به، ولا كيف كنت أعامله دائماً

وشعرت لأول مرة في حياتي منذ أن كنت طفلاً، بشوق إلى الصلاة، فأخذت أصلي،

<<  <  ج:
ص:  >  >>