أذكر أنني سمعت (لودين) يتكلم بالتليفون طالباً نقالة أخرى، وبعدها لم أكد أفقه شيئاً مما يدور حولي، إذ أن الإغماء غلبني
فلما أفقت رأيتني على سرير أبيض من أسرة المرضى، ثم رأيت ممرضة منحنية فوقي وكان إلى جانبها طبيب فعرفت أنني في المستشفى. سأل الطبيب الممرضة عن حالي فأجابته أنني أحسن من ذي قبل. ثم التفت إلى مستفهماً: ما الذي حدث؟!
فأجبته بصوت ضعيف: تشاجرت. ثم سألت: هل كسر شيء؟!
فقال الطبيب مغمغماً: تشاجرت؟ وتابع فرحاً: آه، لا، يحدث شيء مما تعني، إنما كل ما هنالك رضوض لن تلبث أن تزول آلامها فيمكنك أن تخرج بعد يومين. ثم انصرف
أردت أن سأل عن (ماني) ولكن حالتي كانت من الضعف بحيث لم أستطيع معها أن أتكلم. سرى بي التفكير إلى الرجال الذي أشبعوني ضرباً. ومن الغريب أنني لم اشعر نحوهم بذرة من الحقد، وكأن ما حدث لم يكن إلا خيالات وأوهاماً
غير أنني سعيد، سعيد لأن عظامي لم يصبها عطب، وإلا لكانت الدنيا لدي أضيق من سم الخياط. وأدركت أخيراً أن عملي كان جنونيا. ترى من يصدقني إذا قلت إنني دفعت (ماني) دفعة لم ابلغ من جرائها قتله؟
وفجأة وثب إلى ذهني خاطر أذهلني، واصطكت أسناني رعباً، وهو ما سيكون شأن الشرط معي إن. . . إن هو مات؟!
انقبض صدري لهذا الخاطر المروع، وكدت أصيح بكل ما في حنجرتي من قوة. والفضل في إنقاذي من هذا الموقف للممرضة التي دخلت في تلك اللحظة فأزمعت سؤالها عن ماني، قلت:
- إن لي زميلاً هنا اسمه (ماني بيترز) كيف حاله؟ فأجابتني بصوت هادئ
- إنه في حالة سيئة، وإنه الآن في غرفة الجراحة لإجراء عملية جراحية خطيرة
فسألتها بلهفة:
- هل تدعينني أذهب لأرى ما يعملون؟
ففغرت فاها متعجبة، ولكنها لم تلبث أن استعادت ثباتها وتعهدت بأنها ستفعل، وتركتني