وكأنهم يبحثون عن مبنى (للبيع) أو شقة للإيجار، وهم معذورون في ذلك مهما ثلمت كرامة التدريس الجامعي، فالمضطر يركب الصعب في أتعس الأحوال! وحين لم يجدوا من تتوفر فيهم الكفايات المنشودة ملئوا الأماكن بالمعيدين وإضرابهم من ذوي الحداثة في السن والتوجيه، وهؤلاء كانوا منذ شهور يتلقون الدروس، فأصبحوا بمعجزة خارقة مدرسين يقومون بالشرح والتفهيم، ولن ننكر ما قد يكون لدى القليل من النضوج والاستعداد، ولكن الكثرة الغالبة في حاجة ملحة إلى التمرين بالمدارس الثانوية من جهة، وغلى البعثات العلمية من جهة أخرى، ليجدوا في عقولهم ما يقدمونه إلى الطلاب في مختلف المواد، بل إن الكثير من هؤلاء المعيدين يتملقون زملاءهم الطلاب - ستر للضعف العلمي بما يعود بالخيبة والإخفاق، وهذه جناية التقليد الضرير الذي يأخذ بالقشور دون اللباب! وليت الجامعات واصلت الاستعانة بأساتذة أوربا في الكليات العلمية - على وجه الخصوص - فهي فقيرة إلى الأكفاء من الأساتذة، بل وإن التسرع العاجل قد حال دون الانتفاع بذوي الكفاية والمواهب، دون أن نعرف سبباً منطقياً ينأي عن العواطف والنزوات، مع أن جامعات الغرب - فوق تقدمها الملموس - تستقدم من أساتذة الشرق من ترى في انتدابهم النفع والسداد، فلم لا نقلدهم مخلصين في ملء هذا الفراغ؟ أكبر الظن أننا نثق إلى حد مضحك في كفاءة المعيدين، قانعين بالإعلانات المتكررة في الصحف والمجلات
وأنت تنظر إلى مناصب الدولة عندنا فتجدها متخمة بأساتذة الجامعة السابقين من ذوي القدرات الممتازة، فتتساءل عن هذا الفرار السريع من ميدان التربية والتدريس، مع ما نعلمه من حرص الأساتذة في جامعات أوربا على التدريس بالجامعات رغم المغريات اللامعة، وقد يكون المغنم المادي جزيلا خارج الجامعة، أو يكون للمنصب الجديد بريق يؤذن بالنفوذ والأبهة والجاه، قد يكون هذا وذاك، ولكن يجب أن نذكر أن ازدحام الجامعة بمن لا يصلحون للتدريس قد زين الفرار لأساتذتهم من ميدانهم الأصيل، كيلا يجتمع الطيب والخبيث في منزلة واحدة أمام الأنظار
وإذا كان لابد من الترقية لهؤلاء المعيدين، ونظرائهم من المدرسين والمساعدين، فعلى أي منوال تكون الترقية القريبة من العدالة والإنصاف؟ لقد تطاحنت الآراء حول هذا الموضوع طاحنا وصل صداه إلى الصحف والأندية، وجاوز الحرم الجامعي بأميال، ففريق يؤمن بأن