سندباد أنت في كل مكان ولكل عمل. أنك أبو الفتح الإسكندري أو أبو زيد السروجي، فقال الأستاذ منورسكي: هذا أبن بطوطة. ومما اذكر من لطائف هذا المجلس أن أحد مندوبي الهند محمد أسحق، نظر إلى أشجار عنب قصار، فسألني ما هذا؟ قلت كرم ولكنه صغير، فقال إذا ما كذب الثعلب في الحكاية المعروفة، حين قال هذا حصرم. فعنب هذا الكرم في متناول الثعالب. ثم خرجنا لزيارة قبر الشيخ الرئيس، دخلنا الباب إلى رحبة تنتهي إلى بابين أيسرهما باب مكتبة صغيرة عامة، والأيمن مكتوب فوقه (آرامكاه أبو علي بن سينا) أي مرقد أبي علي بن سينا. دخلنا حجرة صغيرة بها قبران متشابهان يغطي كلا منهما صفيحة من الحجر عليها نقوش كثيرة. ويحيط بها سياج من حديد. فالقبر الذي يلي الباب قبر الشيخ الرئيس، والذي إلى جانبه قبر رجل أسمه أبو سعيد. قال بعض أصحابنا إنه أبو سعيد بن أبي الخير الصوفي المعروف. وليس هذا صدقا فابن أبي الخير مات في خراسان.
ثم ذهبنا لزيارة مزار هناك يعظمه اليهود ويحجون إليه، ومن أجله كثر عددهم في همذان حتى صاروا زهاء ألفين - وهو في زعمهم قبرا ايستر ومردخاي. وهما امرأة ورجل من اليهود، لهما قصة في التوراة في سفر (ايستر). وخلاصة القصة إن ايستر كانت في حضانة أبن عمها مردخاي في مدينة سوس، وأن ملك الفرس أخشويرش غضب على امرأته وشتى، وأراد أن يختار غيرها، فعرضت عليه فتيات مملكته، فأختار ايستر اليهودية وحظيت عنده. وكان هامان وزير الملك قد نقم على مردخاي انه لا يسجد له كما يسجد الناس، فأغرى الملك باليهود وأخرج أمره بقتلهم حيثما ثقفوا في المملكة. وكاد مردخاي وايستر لهامان حتى أمر الملك بصلبه على الخشبة التي أعدها هو لصلب مردخاي، وكتب الملك إلى الولاة ألا ينفذوا أمره في اليهود وأن يسلطوا اليهود على أعدائهم فيقتلوهم.
والقبران كبيران عليهما سياجان، وهما في حجرة ذات قبة لها مدخل صغير واطئ لا يدخله الداخل إلا راكعا
قضينا في همذان ثلاث ساعات ونصفا، ثم برحناها والساعة أربع ونصف، متوجهين تلقاء قزوين.