قنبلة فمات ميتة مجيدة بين ذراعي الإمبراطور). . ولم يكتف نابليون بإكرام هذا الفقيد بل صرف عناية كبيرة على عائلة ديروك ومنح أرملته وابنته دوقية فريول (وكان ريعها وقتذاك لا يقل عن مائتي ألف فرنك).
على أن هذا الشعور الجميل الذي كان يبديه نابليون في مثل تلك الظروف لم يكن يحول دون استقلال فكره وإرادته، فقد كان عند الضرورة شديدا قاسيا. . وثبت أنه كان في إيطاليا ومصر حين كان جنرالا كبير المطامع. . أشد وأقسى في معاملة القواد والجنود مما كان عليه بعد استوائه على السدة الإمبراطورية واستلامه مقاليد الحكم المطلق واتساع شهرته وسطوته في العالمين. . قال خصوم نابليون أنفسهم في مذكراتهم:(إن هذا الجنرال الصغير كان يخيف قوادا مثل)(أوجيرو)(وماسينا) وغيرهما سنة ١٧٩٦ ولما جاءه الجنرال (ديبنوا) سنة ١٧٩٧ بقصد التملق والتزلف قال له نابليون: (عرفتك لما كنت قائدا في لومبارديا وعرفت أنك قليل النزاهة. . عاشقا للمال. . على أنب كنت أجهل أنك جبان) فاخرج من الجيش ولا تظهر أمامي مرة أخرى. . وكتب نابليون إلى (برتييه) يقول: (اكتب إلى الجنرال (جاردان) أن شكاوي عديدة انتهتا إلى من إحراجه لأهل البلاد وأن الواجب عليه أن يسلك سلوكا يتفق مع كرامة الجيش فلا يسمعني بعد اليوم شكوى واحدة من تصرفه) وكتب إلى الأميرال (تروجيه): يحق لي أن أنتظر محاسن الأفعال بدلا من المواعيد والأقوال).
وكان نابليون لا يحابي الوزراء. . ولا الكبراء. . حتى في سنة ١٨١٤ أي بعد أن مال نجمه إلى الأفول. . وهذا يدلنا على صحة ما قاله أحد المؤرخين وهو: أن نابليون لم يكن ذئبا ولا خروفا. . بقي أن نعرف أن نابليون. . نشأ من أعماق الشعب. .