الرجال الأكفاء حملتا نابليون على مداراة رجاله) وهو تفسير لا يذهب بفضل نابليون. . ولا يحد من قدر سلوكه. . بل هو يدل على حسن سياسته وأصالة رأيه، وليس بمنكر على الرجل أن يفعل الخير ويحسن الصنع لأنه يتفق مع مصلحته. . أو لأن مصلحته كانت تدفعه إليه. . فإنما الأمور بنتائجها. . وكل من يذم هذا المنهج يكون مثله مثل من يطعن على رجل ينقذ آخر من الغرق لأنه أراد الحصول على وسام الإنقاذ أو مكافأة أخرى. .!!
وإذا طالعنا المذكرات الخاصة وجدنا فيها ما يدل على شدة حبه لقواده. قال (كونستان) بعد النصر الباهر الذي أحرزه نابليون في مارنجو: (إنه مع النصر الفاصل الذي أوتيه القنصل الأكبر (أي نابليون) كنت أرى الحزن يملأ نفسه وأسمعه يردد (إن فرنسا فقدت بفقد (دسكيس) فتى من خيرة أبنائها. . وفقدت أنا صديقا من أبر الأصدقاء)
ولما استوى نابليون على العرش الإمبراطوري لم يتغير شيء من عواطفه نحو قواده، بل لبث يسمح للمارشال (لان) بأن يخاطبه بصيغة المفرد. . ولما بلغ نابليون خبر إصابته بجرح قاتل تولاه حزن عظيم وأخذ يزوره صباحا ومساء. . واتفق أنه وصل في عيادته الأخيرة بعد أن لفظ المارشال روحه الطيبة. . فتقدم نابليون وقبله وبكى ثم أخذ يهمهم (يا لخسارة فرنسا. . يا لخسارتي) ولما حاول (برتييه) أن يبعده عن رؤية ذلك المنظر الأليم قاومه نابليون نحوا من ساعة.
وفي اليوم التالي كتب نابليون إلى أرملته يقول:(أيتها النسيبة مات المارشال على أثر الجروح التي أصابته في ساحة الشرف فخلف لي من الحزن ما يضارع حزنك. . ولا غرو. . فإني فقدت بفقده أفضل قائد للجيش وخير رفيق وصديق لزمني منذ ست عشر سنة. . إن أسرته وأولاده لم كل حق في طلب حمايتي ورعايتي) ثم كتب إلى الإمبراطورة (إذا أمكنك أن تساعدي في تعزية أرملة المارشال فافعلي) ولما أصيب (ديروك) بقنبلة عند (درسد) ذهب إليه الإمبراطور نابليون وضمه إلى قلبه مرارا ثم عاد خائر القوى لفرد الأسى. . هو يقول:(يا للهول. . أيها العزيز ديروك ما أعظم خسارتي فيك) وكانت دموعه تسيل على خديه وتسقط على ملابسه
ثم أمر الإمبراطور بشراء أرض وبإقامة تمثال لذلك القائد العظيم وبكتابة العبارة الآتية تحت التمثال (هنا يرقد الجنرال ديروك دون فريول وأحد مارشالية نابليون العظام أصابته