وهي خطة بسيطة في ذاتها ولكن تنفيذها مع قواد نابليون كان يقتضي عقلا كعقل نابليون.
وكان من مزايا الرجل أن يزن حسنات كل قائد؛ فإذا رجحت سيئاته حاول أن يصلحه بحذق ومهارة فمن الحوادث المعدودة من هذا الطراز أنه شرع يوما في تعنيف ضابط في رتبة كولونيل لأن جنوده أضروا بمصالح إحدى الدساكر. . فشق على الضابط أن يسمع الكلام المر من قائده وأراد أن ينفصل. . فقال نابليون همسا:(أنا صدقتك فاسكت) وفي اليوم التالي دعا نابليون الكولونيل وقال له: (كن مستريح الفكر فقد كنت أعنف في شخصك بعض الجنرالية الذين كانوا بجانبك. . لو وجهت إليهم التعنيف مباشرة لأوقفتهم في موقف يستحقون في التحقير أو ما هو أبلغ منه. .) وإذا اتفق أنه جرح في حديثه قائد كبيراً. . حاول بعد الحديث أن يضمد جرحه. . فمن ذلك أنه انتقد انتقادا شديدا الجنرال (مارمون) على بعض الأعمال الحربية في معركة (واجرام) فسخط (مارمون) من هذا الكلام وعاد إلى منزله كسير القلب. . شديد الكرب. . فما وصل حتى جاءه رسول إمبراطوري يحمل إليه البشرى. . بترقيته إلى رتبة. . مارشال!
ولما أخذ العدو بلدة مونترو سنة ١٨١٤ رأى نابليون أن تأخر المارشال فيكتور كان السبب في ضياعها وأصدر إليه إذنا في ترك الجيش. . ومعلوم من هذا الإذن أنه لم يكن له من معنى إلا سخط الإمبراطور عليه. فجاء المارشال فيكتور وعيناه مغروقتان بالدموع فقابله نابليون وهو يتميز من الغيظ وعيره بالخطأ الذي ارتكبه واستحق من أجله الإبعاد عن الجيش. . فلم يتمالك المارشال أن رفع عقيرته وأكد إخلاصه وذكر خدماته في إيطاليا فسكن غضب نابليون لذكر تلك الخدمات ثم صافحه قائلا:(لا بأس من أن تبقى في الجيش يا فكتور ولكني لا أستطيع أن أعيد إليك فيلقك بعد أن عقدة لواءه (لجيرار) وإنما يمكنني أن أولئك قيادة فرقتين من الحرس فاذهب واستلم قيادتهما ولا تذكر بعد اليوم شيئا مما جرى. .)
ولو شئنا أن نذكر ما لدينا من هذا الطراز لاستغرق مجالا واسعا وتجاوز بنا الغاية المقصودة في هذا المقال. . فحسبنا أن نقول - ومذكرات (مارمون) الذي خان نابليون في أواخر عهده - خير شاهد. . أن نابليون كان في معظم الأوقات يجرح باليمين ويضمد باليسار. . ومما قاله الخصوم في تفسير هذا السلوك الحميد (أن مصلحته الخاصة. . وقلة