وكان العدد الثاني أقوى من الأول، وقد بدا فيه الجهد كبيرا وواضحاً.
وظهر العدد الثالث فكان تحفة أدبية وفنية رائعة، جمع فيها أبرز كتاب الدنيا والدين، على موضوع هو أعظم موضوعات الإسلام جميعا ذلك هو (الفتح). . الفتح في الحرب والعقيدة والتشريع واللغة والنحو والفلسفة والعلم والعمارة والموسيقى.
وكأنما كان الأستاذ الزيات يوحي إليه بظهر الغيب، إذ يروي في هذا العدد الأخير من مجلة الأزهر قصة المجلة، وتحس في أسلوبه المرارة، والشعور بأنه يريد أن يتنحى، قال في تعقيبه على مقال:
(توليت إدارة هذه المجلة وليس فيها محرر ولا مترجم ولا موظف يعين على التحرير والترجمة، فلم أجد بدا من الاستعانة بالكتاب الذين حملوا أمانة العلم وفهموا ثقافة الإسلام. وكان من أول هؤلاء وأولاهم كتاب الأزهر، ولكن معرفتي بأكثرهم قليلة، وهم يتكرموا بالتعارف ولم يتقدموا بالمعونة، فلجأت إلى من أعرفه من الأزهريين والجامعيين والمجمعيين
وخرج عدد (رمضان) على النحو الذي عرفت، ولم يتغير الحال في عدد شوال فصدر على الوضع الذي رأيت.
وفي عدد المحرم - الذي بين يديك - اختلف الأمر بعض الاختلاف. لم أجد ثلاثة أشهر مسوغا لانتظار التعارف أو التعاون، ففزعت إلى لجنة من صفوة الأصدقاء في الأزهر، ومعي خطة لهذا العدد الخاص مبيته المعاني، معينة الأغراض، وسألتهم أن يختاروا لهذه الموضوعات كتابها من رجال الأزهر، فاختاروا طائفة من أعيانهم كتبت إلى كل منهم رسالة بموضوعه وموعده. ثم انتظرت ونظرت فإذا الأساتذة جميعا لا يكتبون ولا يعتذرون ما عدا الأستاذ محمد عرفة، وكان الوقت قد ضاق عن استكتاب غيرهم ممن يكتبون أو يعتذرون، فنزلنا مضطرين على حكم الواقع. . .
ورأيي قبل هذا أن الأزهر فكرة، فكل من أخذ بها وعبر عنها ودعا إليها فهو أزهري، وإن لم يخرجه الأزهر. أما رأيي بعد هذا فهو أن العبء باهظ، والجو خانق، والعدة ضعيفة، والمعاونة قليلة، والسن متقدمة، والصحة متأخرة، وما أطعت فضيلة الشيخ الأكبر الإمام عبد المجيد سليم في تولي هذه المجلة إلا لأرسم الخطة وأضع النموذج. وفي اعتقادي أن