ليس البيت وحده المسئول عن التربية، وإنما المسئولية بجانبه واقعة على المدرسة بوجه عام - وعلى مدرسي الدين بوجه خاص، فالمدرسة مسئولة عن تعليم التلميذ، ولا يستقيم تعليمه إلا إذا استقامت تربيته، ومدرس الدين هو المختص، وكعبة الأمل المنتظر في توجيه التلميذ وطبعه بطابع الخلق الحسن، وصياغته في قالب من الخصال الحميدة والصفات النبيلة.
لسنا في حاجة إلى جبل متعلم مثقف إلا إذا كان مؤدبا مهذبا، وهذه النهضة الجديدة في مسيس الحاجة إلى جبل صالح يرفع قدر مصر، ولن يكون إلا إذا عني ولاة الأمور بالتربية كعنايتهم بالتعليم، وسارت التربية والتعليم جنبا إلى جنب. .!
٢ - نحو مجتمع سليم
نرجو - وكلنا أمل في أن يحقق الله رجاءنا - أنت تعمل ثورة الجيش الإصلاحية على أيجاد مجتمع نظيف سليم في مصر يرفع شأنها ويعلي قدرها، ويعز جانبها ويصل بها إلى المكان اللائق بالأمم المتقدمة الناهضة.
إن المجتمع النظيف السليم عنوان الأمة الراقية الناهضة، ولن يوهب لأمة من الأمم ذرة من الهيبة والتقدير إلا إذا كانت تتمتع بمجتمع سليم حي، ولو بلغت هذه الأمة مبلغا كبيرا من القوة والنفوذ - والدول الغربية ذوات السلطان والجاه، إنما تربعت فوق هامة المجد والعزة لأن المجتمع في جميعها يظفر بأكبر قسط من الرقي وسلامة التكوين ونضارة الفكر.
إذن فمصر اليوم في مسيس الحاجة إلى هذا اللون من المجتمع، ولن يتيسر لها هذا إلا إذا أخذ المصلحون على عاتقهم تكوين المجتمع تكوينا سليما، يقوم على دعائم ثابتة قوية من الرقي والأخلاق والإشراف على التوجيه الذي يصلح من شأنه، وبث المثل العليا بين أفراده حتى يأخذوا بأسبابها وينشئوا عليها.
ولكي نضمن تكوين المجتمع النظيف السليم، يجب علينا أن نعني العناية الكبرى بالشباب لأنه عصب المجتمع ودعامته - والذي يتطلع إلى أحوال الشباب - ولا سيما المثقف - في مصر لا يسر بحال من الأحوال، لأن غاية معظمه إن لم يكن جميعا تنتهي عند ارتياد الملاهي وركوب الدراجات، والسير في الشوارع لمنافسة الفتيات ومعاكسة خلق الله.