واستمرت حياتها الزوجية خمسة وعشرين عاماً وهو ينتظر، وكان ينظر إلى المرآة ويبتسم ابتسامة مرة حينما يذكر أنه تزوج منذ ربع قرن، وهو مع ذلك لا يتقدن إلى زوجته إلا كما يتقدم الشاب إلى فتاة صغيرة.
وكان جميلا قوي البنية، وكانت زوجته لا تزيد معي مرور الأيام إلا جمالا. وكانت شجاعتها تزيد مه هذا الجمال.
نظرت إليه الآن وقالت وهي تشير إلى زجاجات الخمر والأطباق التي على المائدة:(ما هذه الفوضى التي تركت لنا يا برانينو)
وكان هذا الاسم هو الذي ينادى به في الطفولة، فنظر إليها وقال بهدوء:(إن اسمي هو جون)
فابتسمت أمام هذا التقريع الهادئ. وتناولت معه الطعام العشاء؛ فقال وهو يتنهد تنهد الرضى:(منذ كم سنة لم نتعش وحدنا؟) فقالت: (منذ سنوات طويلة. مسكينة فرانسين! لقد كان التعب الشديد بادياً عليها).
قال:(ولكن من أجمل المصادفات أنها تزوجت في هذا التاريخ)
فقالت:(لماذا)
ونظرت إليه بعينيها الجميلتين الزرقاوين فأجاب (إلا تذكرين أن هذا هو تاريخ زواجنا؟)
قالت:(آه! لقد تذكرت. إنني كنت ناسية)
فعض شفته وبدا عليه الغضب لنسيانها ذلك اليوم. ثم ملك روعه. وشعر بخيبة الأمل في السعادة التي كان يرجوها لأن زوجته لا تشعر بمثل شعوره هذا. وذهبا إلى غرفة المكتب بعد العشاء وكانا يسمعان من الغرفة حركة الخدم وهم ينقلون ما على الموائد من الأطباق، وكانت الزوجة واقفة بجانب النافذة تنظر في الظلام إلى أعالي الأشجار وما عليها من أعشاش العصافير وعلى الممرات المظلمة في الحديقة الجميلة التنسيق. وكان الزوج جالساً أمام مكتبه، وقد أسند ذقنه أصابعه.
وكانت الزوجة تتذكر خلو المنزل من الموسيقى والغناء والضحك واللعب والحديث فقالت:(ألا يبدو المنزل كأنه غير مأهول؟)
فهز رأسه وعادت هي إلى الكلام فقالت:(أظن جيرالد ستأتي في العام المقبل)