ومعلوم عند الجميع أن الناس تسير كالقطعان في الموضة والعادات والتقاليد والحياة الاجتماعية؛ وهذا النوع من السلوك مفيد جدا إذا قلدنا المبرزين والصالحين وهو يمثل الشطر الأكبر من سلوك الإنسان في الحياة.
والثالث السلوك الواعي أو العقلي
تبرز أمامنا، في البيت والعمل والمجتمع، معضلات ومشاكل جديدة لم نتعودها ولا نعلمها، فالبت فيها على البديهة يؤدي اعتياديا إلى الفشل. فهي تستدعي إذن البحث والتفكير قبل الفصل.
فإذا نزلت بك كارثة، أو هبطت عليك ملمة، في صحتك أو أعمالك أو علاقاتك الاجتماعية، فماذا يجب أن تفعل؟
ابحث أولا معضلتك بحثا وافيا وأمينا. ومنى اكتشفت السبب فأزله مهما كلفك الأمر.
وإذا لم يكن بالإمكان إزالة السبب، ولم يكن من بد لوقوع المصيبة، وافق نفسك مع الحالة الجديدة مهما كانت بدون وجل أو هم أو حسد. فالانتصار لك يا أخي إذا رضيت بالواقع فعشت في الحقيقة دون أن تفقد صحتك ولذة عشيك تحرقا على ما فات، لأن لديك دائما متسعا من الزمن ومجالا للعمل وحافزا من الأمل.
ولكن إذا أظلمت الدنيا في عينيك، فاستحال عليك الفصل، واستوى لديك العقل والجهل، فخشيت الهبوط والاضمحلال فلا تنس عند لك ثلاثة تفزع إليهم في الملمات:
أولهم صديقك الصدوق - وما أثمنه - ولربما تجده بين رفاقك وذويك، أو بين كتبك، أو في عالم مجرب، فأصغ إليه بانتباه فلربما يكون في قوله السبيل السوي.
وثانيهم طبيبك، ليس كمستشار صحي فقط بل كرجل تثق به إلى أبعد حدود الثقة، تسر غليه المكتوم، وتفشي له الكروب وتلقي على عاتقه همومك.
وثالثهم عند اشتداد الملمات، وتلبد الظلمات وسيادة اليأس هو طب النفس، فإما أن تصغي إلى صوت الفلسفة يقول لك إن أشد همومك لا بل كلها من عبادة ذاتك. فأنت ذرة من ذرات هذا الكون تتمشى عليك نظاماته من مسيئة أو سار كما تتمشى على سائر أجزائه. فإنس بأنك من شعب الله الخاص وانظر إلى معضلاتك بعين البحث العلمي والتفسير الفلسفي وهكذا تخرج من عذاب أنانيتك، أو فاتبع الدين فتجد فرجك بالإيمان. فكم من