ولقد استطاعت هذه الفرقة الناشئة أن تصرع الفرقة الأخرى القديمة التي يهيمن عليها الأستاذ يوسف وهبي بهيله وهيلمانه، وعندنا أن مرد الأمر في نجاح هذه الفرقة الشابة إنما يعود إلى المجهود الجبار العنيف الذي يبذله الأستاذ زكي طليمات في إخراج الروايات وتدريب أعضاء الفرقة تدريبا دقيقا على كل لفظة وكل خلجة وكل لفتة يؤدونها، وأشهد لقد رأيته وهو يتصبب عرقا في تدريبهم ويبذل في ذلك جهد المخلص الصبور، الأمر الذي جعلنا تأخذنا الدهشة والحيرة عندما سمعنا بأمر هذا الانقسام الذي يؤسف له كثيرا بين هؤلاء الأعضاء وأستاذهم زكي طليمات.
وليس المقام هنا مقام أن نخوض في أسباب هذا الخلاف؛ ولكننا نجد أن تمرد التلاميذ على أستاذهم وخروجهم عليه وتشهيرهم به أمر تأباه الأخلاق الفاضلة، فما بالك وهو ليس أستاذا عاديا ولكنه أستاذ يبذل لتلاميذه كل جهده ووقته، وينفق حياته في إعدادهم وإنهاضهم وإظهارهم للناس في أحسن صورة، ويحدب عليهم حدب الآباء على أبنائهم - ونحن نعلم من ذلك الكثير - ثم ينتهي الأمر بهذه النبوة المفاجئة وكيل التهم لأستاذ كان هو لحمة هذه الفرقة وسداها.
وعلم الله ما ندافع عن الرجل ما لقيناه وما سمعناه منه كلمة في هذا الصدد، ولقد كنا أول من حمل عليه لما اختاره من روايات سيئة، ولكننا نكون مع الحق دائما، والحق يقضي هنا بأن نقول إن فرقة المسرح المصري الحديث يعزى وجودها وكيانها ونهوضها إلى الأستاذ زكي طليمات، وإن كل تقدم ناله أعضاء هذه الفرقة أو سينالونه في المستقبل فإنما مرجعه إلى جهود هذا الأستاذ.