للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فحانت منه التفاته إلى مقاعد الطبقة العالية، فرأى حبيبته شاخصة إليه وقد ارتسم الحزن العميق على ملامحها وتساقطت من عينيها الدموع. وقف الممثل مشدوها إلى أن نبهه صوت الملقن الذي حسب أنه نسي دوره، فعاد إلى التمثيل بلهجة ملأها الحب روعة وهو يتبع على ملامح من يهوى تأثير إلقائه وإيمائه. وما انتهى من التمثيل حتى هرع إلى غرفته مغيرا أثوابه واندفع إلى مدخل المسرح لعله يرى خالبة لبه. فلم يوفق إلى لقائها؛ وتكررت هذه الحادثة والممثل يحاول عبثا مقابلة الفتاة عند نهاية عمله، إلى أن دخل عليه يوما وهو في لجج ن الأحزان شيخ مهيب تدل أثوابه على أنه من علية القوم، فاستقبله الممثل مستغربا هذه الزيارة، ولكن الشيخ مد يده مصافحا وقال: عفوا أيها الشيد؛ إنني أتيتك ولا معرفة بيننا، ولكن من الأمور ما يجيز تجاوز المألوف؛ ولدي مسألة هامة يتوقف عليها شرفي وسعادتي. أنا نبيل وأنت من كرام الناس فسوف أتناول الموضوع بلا توطئة.

- تكلم يا سيدي، فأنا مصغ

- هب أنك أمير ولك ابنة جميلة في ريعان الصبا وهي وارثة اسمك الوحيدة، وقد وجدت لها عريسا من أعاظم الدولة تحسده الملوك على أمجاده فلم تقبل ابنتك ما أعددته لها من سعادة فماذا تفعل؟

- أترك لها الحرية، وأجتهد أن أكتشف سر قلبها، إذا لعلها وهبت قلبها لمن امتلكها حبه فلا تستطيع مقاومة قضاء الله فيها.

- وإذا عرفت أنها عاشقة؟

- أطاوعها في إرادتها وأساعدها على الاقتران بمن تهوى، فليس بغير الحب من سعادة على الأرض.

- وإذا كان ما تشير به يفوت الإمكان؟

- ولماذا؟

- لأن الفتاة التي أتكلم عنها هي وحيدة الدوق بارسلان أحد نبلاء القصر، وهذا الدوق واقف أمامك الآن، ولأن الذي تهواه ابنتي رجل شريف ولا ريب، ولكنه ممثل.

- فهمت يا مولاي. إن في تنازل ابنة الدوق بارسلان إلى عشق من هو دونها نسباً لعارا تأباه الطبقة المميزة بالألقاب، ولكن ما تعني بهذا الكلام؟

<<  <  ج:
ص:  >  >>