للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

- إذا كان الأمر لا يتضح لديك، فهاأنذا أصرح. إن الممثل الذي امتلك فؤاد وحيدتي هو أنت، أيها السيد فلوريدور.

وصعق الممثل وهتف قائلا - أنا؟

- عفوا، إن في هذا التصريح ما يمس عزة نفسك، ولكنني ألجأ إليك فلا تخيب أملي، فإنك على ما أرى لا تعرف ابنتي وما اجتمعت بها؛ فإذا ما تقدمت إليك بطلب ظاهره مستغرب يؤدي إلى إلزامك بتضحية فلن يصعب الأمر عليك، وعليه يتوقف الإيفاء على شرف اسمي وحياة وحيدتي وهي تعلن أنها لا تريد أن تقترن بغيرك.

- وما هي هذه التضحية؟

- إنك قادر على اقتلاع جراثيم حبك من قلبها

- وبأية طريقة أقتلع ما تسميه جراثيم حبي؟

- أصغ إلي. . . إن وحيدتي لم ترك إلا عن بعد وأنت على المسرح مرتديا أثواب الأبطال تنشد أجمل الأشعار، فمن السهل عليك أن تبدد أوهامها إذا أنت رضيت بالظهور إليها في مظهر الرجل العادي، بل الرجل المتهتك السكير البعيد عن كل تهذيب وثقافة، فتتأكد عندئذ أنها عشقت ثوبا، وأعجبت بما ليس منك بل من أقوال الشعراء. إن ما أكلفك به هو الظهور بهذا المظهر فتحتقرك وتشفى من دائها العقام؛ وهل من قاتل للحب غير الاحتقار؟

استغرق فلوريدور في التفكير. لو كان ما يعتقده الدوق صحيحا من أنه لم يجتمع بالفتاة وما عرفها، لكان هنالك واجب يسهل القيام به، ولكن أنى للقلب الذي ضم المحبوب إليه أن يستهل انسلاخه عنه: ولاحت الفتاة الشريفة الرفيعة المحتد لخيال الممثل واقفة من حبه على شفا جرف تكاد تنزلق عليه هازئة بقلب أبيها واعتقادات من تنتمي إليهم. وطال تفكيره وهو يقابل بين ضحيتها والتضحية التي يعرضها أبوها عليه، فإذا بصوت الشيخ والوقور يرتفع قائلا: لا تتردد، أيها السيد الكريم! إن ما يوجه إليك الآن إنما هو رجاء والد حصر في وحيدته كل ما في الحياة من سعادة ومجد وآمال؛ فما أنا إلا شيخ هاو ضعيف، بل أنا أحد أشراف وطنك أضرع إليك أن تحفظ اسم سلالتي من العار، فلا تدعني أذهب بواجبي إلى القسوة على ابنتي التي لم يترك لي الدهر سواها.

وأدمى كلام الشيخ قلب الفتى، فوعد بالقيام بما يطلب منه لاستئصال حبه من قلب الفتاة

<<  <  ج:
ص:  >  >>