للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

- يا أبا أيوب، ما ورد عليك بعدي؟ أرى عينيك ونفسك ووجهك بخلاف ما خلفتك منذ ساعة!

فأجاب سليمان: ما ورد علي شيء!

قال الوزير: والله لئن لم تصدقني لأوقعن بك من العذاب ما يستخرج منك الحق واضحاً.

فقال سليمان في غير مبالاة: ما عندي ما أصدقك عنه.

ونظر الوزير إلى الحسن بن سهل وقال: لتخبرني بشان أخيك.

ولم يطل بالحسن التفكير، فقد كان يعلم من عسف الوزير ومن زعارته أضعاف ما يترامى علمه إلى سائر الناس: فأخبره بالحديث على وجهه حتى سكنت نفسه، ثم قال:

أتدري لأي شيء قمت أنا؟

- قال: لا.

- كوتبت بأن ولداً ذكراً سوياً قد ولد لي، فدخلت فرأيته وأسميته باسم أبي، وكنيته بأبي مروان!

وبرقت في ذهن سليمان خاطرة، لم يلبث معها أن ينهض إلى موضع الوزير، فأكب على يديه ورجليه، وأقبل يهنئه بكلمات رقاق، ويدعو له ولمولوده، ثم قال:

(أيها الوزير، هذا يوم مبارك، وقد رزقت ابنا. فارحمني وارع سالف خدمتي لك، واجعل ابني موسوما بخدمة ابنك، يسلم معه في المكتب ويتعلمان وينشان في دولتك فيكون كاتبا له).

ولم يكن محمد بن عبد الملك ممن يطبيهم مثل هذا الحديث. . كان في قلبه لدادة وقسوة وجنوح إلى العسف والانتقام، مما جعل شعاره الذي لا يخل به، قولته المشهورة (الرحمة خور في الطبيعة).

فلم يزد على أن تشظت عروق جبينه قسوة وحرداً، ثم قال:

- يا أبا أيوب، أعلي تجيز هذا؟ وإياي تستغل وتخاتل؟ قد حدثتك نفسك بان ابنك هذا يبلغ المبالغ وتؤمل له الوزارة. . ورجوت في نوائب الزمان وقلت: أرجو أن يحتاج ابنه إلى ابني حتى يطلب منه الإحسان والفضل. فإني استحلفك بالله وأحرج عليك، إن بلغ ابنك هذا المبلغ، إلا وصيته إن جاء ابني لشيء من هذا ألا يحسن إليه!

<<  <  ج:
ص:  >  >>