مولده ومولد أبي مروان ابن الوزير، ثم قال لعبيد الله: يا بني، بالله - إن رفعك الله والزمان ووضع ابنه حتى يحتاج إليك - إلا أحسنت إليه!!
ووعى أبو القاسم عبيد الله بن سليمان عن أبيه هذا الحديث.
ولما تولى المعتضد الخلافة استوزر عبيد الله بن سليمان بن وهب (في رجب ٢٧٩ هـ)؛ فكان من عادته أن يتخذ للمظالم مجلساً عاماً. وفي يوم من هذه الأيام المشهودة دخل عليه فيمن دخلوا رجل رث الهيئة عليه ثياب غلاظ فعرض عليه رقعة. وقرأها الوزير قراءة متثاقل عنها، ثم متفكر متعجب مما بها. ولما أتم استيعابها قال: نعم وكرامة، أفعل ما قال أبي لا ما قال أبوك. كرر هذا القول ثلاثا ثم قال له: عد إلي وقت العصر لأنظر في أمرك.
والتفت إلى خاصة صحبه فقال: إذا خلوت فذكروني بحديث هذا لأخبركم منه بعجب عجيب. فتشوقت نفوس القوم إلى هذا الحديث.
واصل الوزير عمله يأمر وينهي بقية المجلس ثم قام واستراح ودعا بالطعام فتناوله معه من حضر، فلما بلغوا من ذلك حاجتهم أو كادوا قال الوزير: ما أراكم ذكرتموني بحديث صاحب الرقعة ثم أقبل يسوق إليهم ما حدثه به أبوه حتى بلغ منهم العجب غايته.
ثم قال متمما حديثه: ولقد ضرب الدهر مضربه فما عرف لأبي مروان خبرا، حتى رأيته اليوم، فكان ما شاهدتم.
وأمر الوزير بإدخال أبي مروان عليه عند مقدمه. فلما قدم وهب له مالاً وخلع عليه وحمله. ثم قلده ديوان البريد والخرائط فشغل هذا المنصب ثلاثين سنة أو أكثر.
وكان يكتب إلى عبيد الله - عندما يكاتبه - متقلد هذا الديوان:(عبد الوزير وخادمه، عبد الملك بن محمد).
ولكن الوزير أراد أن يعفيه من هذه المخاطبة الذليلة فقال له: أنت ابن الوزير على كل حال، ولا أحب أن تتعبد لي فاكتب اسمك فقط على الكتب.
فقال أبو مروان: لا تسمح نفسي بهذا، ولكني أكتب (عبد الملك بن محمد خادم الوزير). فقبل منه ذلك، فلم يوقع بهذه العبارة إلى جميع الوزراء الذين كتب لهم حتى وافته منيته وزارة ابن الفرات الثالثة.
وكان أبو مروان كالمترتب على هؤلاء الوزراء جميعاً بما من ذلك عبيد الله، فلزم هذا