الإحصاءات الأخيرة دلت على وجوه اثنين في كل مائة أميين بين سكان المملكة، وذلك يعد عاراً كبيرا وصمة لا تمحى من جبين البلاد الحرة.
اقتربت من جماعة ثانية. . . فشاهدت رجلاً في منتصف العمر، ضعيف البنية، يتبسط في شرح النقائض التي يلاحظها على الجيل الجديد، ويؤاخذهم بشدة على انغماسهم في المادية، وانصرافهم عن المثل العليا، وإغفالهم أمر الصلات الإنسانية والوطنية الرفيعة، ويرى أن هذه حالة ستؤدي بهم لا محالة إلى أن تكون آثارهم هزيلة عديمة الحياة، ورؤوسهم فارغة جوفاء، وسجاياهم منحلة سائرة نحو التلاشي والاضمحلال.
وإذ كان الخطيب يبدي مخاوفه الشديدة من مغبة الأمر، كان لا يجد دواء لمداواة الوضع سوى المبادرة إلى إحداث تغيير شامل سريع في نظم التعليم وأهدافه وخططه التي تسير عليها الدولة في تنشئة الشبان وإعداد الجيل المقبل.
أما في الزمرة الثالثة فكان الخطيب سيدة بارعة الجمال تتحدث عن حقوق المرأة السياسية.
وفهمت من أقوال السيدة الخطيبة أن النساء في بلاد الأحرار يملكن نفس الحقوق التي يتمتع بها الرجال، ولا يضن عليهن بسوى منصب رئاسة البلاد فقط.
وقد كانت الخطيبة تشير إلى هذه الناحية في انتقاداتها وتقول:
- كيف يسوغ أن يضن بهذا المنصب على المرأة، ثم لا يضن به على الابن الذي تلده؟
إنهم يحدثونا عن الخواص الفيزيولوجية. . وكأن الرجال جميعاً في منجاة من النقائض الفيزلوجية.
اذهبوا إلى البيمارستانات، إلى السجون. . . ادرسوا إحصاءات الجراثم، فلا أظن النتيجة ستكون بجانب الرجال.
إن هذه المخاوف ليست سوى أعذار تافهة، لا تخرج عن كونها بقايا أسلحة تافهة استعملها الرجل منذ قديم الزمانلضمان استمرار سيطرته على النساء وبقاء استبداده بشؤونهن. . ولكن المرأة سوف تقضي على هذه البقية الباقية أيضا كما قضت من قبل على القيود الأصلية نفسها وحطمتها إلى الأبد، وذلكبفضل كفاحها المستمر ونضالها الدائم، وجهادها الذي لا يفتر ولا يني.
أجل سوف يعلم الرجال أن هذا الملجأ الأخير الذي يأوي إليه، يجب أن تفتح أبوابه على