للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الدواة إليها، ثم قام فمشى حتى جاء فوقف قبالة صاحبته.

- إنك على حق، غير أنك قلت إنك إن جئت فلن تظل أكثر من ساعة.

- حسبت أن لقاء ساعة عندك تفضل الخروج مساء. . . إلى حيث لا أدري.

فأجابته بسرعة قائلة:

- (أوه. . . إنما كنت ذهبت إلى الملهى)، ونزعت قبعتها فنفضت الثلج الذي كان يغطيها على البساط. ثم إنها بدأت تزيل الثلج الذي كان قد تراكم على كمي معطفها في أناة ظاهرة واعتناء. فهز صاحبها كتفيه وبدأ يعينها على خلع ملابس الخروج التي كانت ارتدها محتفظا بصمته، ذلك الصمت الذي كثيرا ما كان يشاهد في مناظر الشجار والمنازعات، ولم يخف ذلك منه على صاحبته ولكنها اعتصمت بالصمت العميق مثله، غير أنها بعد أن ألقت عليه نظرة جانبية بدا لها أن تغير وضعها - فجأة - فقالت تكلمه في صوت لطيف:

- أجائز أنك لا تصدقني؟ واقتربت من حبيبها بجو تشم فيه رائحة الهواء الطلق البليل الذي كانت فيه منذ برهة قصيرة، فوضعت يديها - ولم يكن ليخفى عليه جمالها - على كتفيه، غير أنه أحس ثانية أن هذا التبدل لسريع من وضعها الأول إلى هذا الوضع الأخير اللطيف مما تقسر عليه نفسها، إنه متكلف أيضا! ثم قالت له:

- وفي استطاعتي أن اعدد لك كل حركاتي هذا المساء؛ كان أحد أصدقائي ومعه خطيبته ينويان الذهاب إلى الملهى، وكانت عندهما بطاقة دخول زائدة فاستدعياني معهما إلى الذهاب ففعلت، وذلك كل شيء تم

فمجيئك من الملهى إذا في هذه الساعة؟

- نعم.

ثم رفعت يدها عن كتفيه - وما كان قد مسهماً - وذهبت إلى مرآة الصوان وكأنها تريد أن تصلح شعرها، ولكن عينيها عادتا إلى ما كانتا عليه من النظر إلى الغرفة نظرة عجلى فعل العائد إلى داره يجد فيه ضيفا غير منتظر ليطمئن على أنه ليس في المكان بعض ما لا يجب أن تقع عليه عين ضيفه من أشياء:

وكان هو يلحظها أثناء ذلك من طرف خفي ويتتبعها في كل ما تصنع، أما هي فكانت تخفي شعورها بمراقبته هذه وتدقيقه وتتظاهر بهيئة من ناله تعب أو مسه جهد، بينما كانت تمشط

<<  <  ج:
ص:  >  >>