والقرية هي القرية، أهملت مرفقها، وعاشت عيشة البؤس والحرمان.
وإذا بكل تلك الوعود وعود عرقوب!!
هذا في العهد البائد، أما في العهد الجديد فقد أفاق الفلاح على دعوة الحرية، فإذا بالحال غير الحال، وإذا بأرضه تعود إليه، فيعود معها الخير واليمن. . وإذا بالملاك الذين كانوا يمتصون دما يهوون من فوق عروشهم أذلة صاغرين!
لقد وجد الفلاح من ينصفه، ويرد إليه حقه المسلوب. . فما أبعد الفرق بين وعود اليوم ووعود الأمس، التي لم تكن إلا كسراب بقيعة، يحسبه الظمآن ماء، حتى إذا جاء لم يجده شيئاً.
عيسى متولي
تعقيب
في (البريد الأدبي) للرسالة الغراء في العدد (١٠٠٥) كتب صديقنا الشاعر البغدادي الأستاذ عبد القادر رشيد الناصري كلمة يخطئ فيها لفظة (جرجر) في بيت الشاعر الأديب الفيتوري في قوله:
(نجرجر) خلفنا التاريخ أشلاءً وأكفاناً
ويشير إلى أن اللفظة تومئ إلى غير المعنى الذي أراده الأستاذ الفيتوري وهو الجذب والسحب؛ وإنما هي بمعنى الهدير يردده الفحل أو البعير. . الخ
وأقول: من المعلوم في نشوء اللغة وتطورها أن المفردات نشأت على هجاء واحد - أي على حرفين - محاكاة للطبيعة أوله متحرك وثانيه ساكن ثم جاء المصاعف الثلاثي والرباعي. وأنت تقول (صر) محاكاة لصوت صرار الليل. ولما كان الحرف الأخير على الوقف - أي ساكناً - لا يستبينه السامع بعد أو قرب؛ قلت: صر بتحريك الساكن الثاني في الأصل. ولما أردت أن تفهم السامع أن الصرار كان يكرر صوته ويرجعه ويردده مرة بعد مرة قلت: صرصر فأسكنت الراء الأولى على الأصل وضاعفت.
وعليه فلفظة (جرجر) في أصلها صحيحة على المعنى الذي أراده الشاعر وهو الجذب