للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

إلى توحيد الزي، ومعظم الشعب يجهد في سبيل الحصول على رقعة تغطي سؤته، وتستر عورته، وتدفع عن رزايا الشتاء!

كان الأجدر بهذه الشرذمة الداعية إلى توحيدالزي أن تتجه اتجاهاً يمس الإصلاح الحقيقي في صميمه. وما اكثر نواحي الإصلاح التي يحتاجها البلد اليوم ويحن إليها ويهيم بها، حتى لا تضيع جهودها سدى، وتضيع أوقاتها في غير جدوى وتتبخر هممها في سماء النقاش الممل، والجدل المتعب. كان الأجدر بها أن تتجه نحو إصلاح القرية حتى تليق بسكن الآدميين، أو نحو إصلاح الفلاح حتى يليق بالآدمية التي أكرمها اللهتبارك وتعالى، أو نح وإصلاح العامل حتى يثمر الثمرة المرجوة في العهد الجديد، وكان الأجدر بها انه تتجه نحو إصلاح المجتمع فتهب له أوقاتها، وتجود عليه بجهودها حتى ينهض فتنهض مصر بجانبه، وحتى يسعد فيسعد الشعب في ظلاله.

لتذهب هذه الشرذمة إلى الريف لترى بأعينها من الماسي ما تشيب من اجلها النواصي، ولتذهب إلى بلد الصعيد لتقضي بنفسها على الآلام التي تحطم الأعصاب وتهز القلوب، لتذهب إلى القرى لترى كيف يعيش الفلاحون هناك في حظائر تزاحمها عليها مواشيهم، وكيف يأكلون طعاماً تزاحمهم عليه كلابهم وكيف يحيون بعد هذا حياة لا وزن لها إلا في دنيا التعامل والشقاء. . لتذهب هذه الشرذمة إلى أية جهة من هذه الجهات لتوقن بان جهادها في بدعتها هذه عبث، وبان أوقاتها في سبيلها لهو، وبان حملتها لتحقيق هدفها ضرب من ضروب التسلية التي لا تليق بهذا الفجر الجديد.

إن هذه المهزلة خلقت جواً من الجدل كنا في غنى عنه فقد ولدت (القبعة) وجعلت منها مشكلة معضلة، أثاره مواكب التزمت والجمود الراكدة التي تعودت أن تتحرك في التوافه والسفاسف، لتثبت وجودها وتأكد بقائها في مسرح الحياة. ولوإنها ثارت باسم عقليتها وأفكارها لما القينا لها بالاً ولما حسبنا لثرثرتها وضوضائها حساباً، لان ثورتها مصيرها إلى التلاشي، وثرثرتها وضوضائها مصيرها إلى التبخر، ولكنها تحرص على أن تثور باسم الإسلام وكان الإسلام آمن من كل جانب فهي تخشى عليه القبعة وعزيز في كل ناحية فهي تخاف عليه انتشارها، ولو فقهت مواكب الجمود هذه لناقشت المهزلة قبل أن تعرض بالإسلام وتزج به، وتصوره للشرذمة الداعية إلى توحيد الزي كمنهج إصلاحي، بصورة

<<  <  ج:
ص:  >  >>