٦ - وهناك ميسر آخر غريب، ذكره طائفة من العلماء، وهوان يكون موضوع الميسر إنساناً. وقد أنشدوا في ذلك قول سحيم بن وثبل الرياحي:
أقول لهم بالشعب إذ ييسرونني ... ألم تعلموا أني ابن فارس زهدم
أي ألم تعلموا أني ابن صاحب الفرس المسمى (زهدم).
قال صاحب اللسان (كان قد وقع عليه سباء فضرب عليه بالسهام. وقوله: ييسرونني، هو من الميسر، أي يجزئونني ويقتسمونني).
وهذا تفسير ساذج، من الصعب أن يتصوره عاقل إلا أن يريدوا اقتسام رقه وعبوديته فيما بينهم، كما أن يكون العبد ملكا عدة أشخاص يملك كل منهم شخصاً منه. ونجد ابن سيده يفسر البيت تفسير أشنع من تفسير صاحب اللسان إذ يقول:(وييسرونني من الميسر، أي يجتزرونني ويقتسمونني) وهولا ريب تفسير خاطئ.
وقد فسره ابن قتيبة تفسيراً عاقلاً بقوله:(فمن زوى ييسرونني، أراد: يقتسمونني ويجعلونني اجزاء، احسبه أراد ومن رواه ياسرونني جعله من الأسر.
الجزار
ويسمونه (القدار) على وزن همام. ولذلك القدار خبرةخاصة بتقسيم الجزور، فهويقسمها عشرة أقسام:
فإحدى الوركين جزء، والورك الأخرى جزء، والعجز جزء والكاهل جزء، والزور - وهو ما ارتفع من الصدر إلى الكتفين جزء، والملحاء - وهو وسط الظهر بين الكاهل والعجز - جزء , والكتفان جزء، والذراعان جزء، وإحدى الفخذين جزء، والأخرى جزء.
ويبقى بعد ذلك (الطفاطف) وهي أطراف الجنب المتصلة بالأضلاع، و (فقر الرقبة) فتقسم وتفرق على تلك الأجزاء بالسواء، فإن بقى عظم أو نصفه بعد القسم فذلك الريم، وكانوا يجعلون ذلك الريم للجازر، فان بخلوا به ولم يجعلوه له كان ذلك مسبة لمن لم يجعله.
وأما نصيب بائع الناقة فهو الأطراف والرأس غالباً.
وذهب الأصمعي في ذلك مذهباً غريباً، وانهم كانوا يجزئون الجزور على ثمانية وعشرين جزءاً، ذهب في ذلك إلى حظوظ القداح، وهي ثمانية وعشرون، للفذ حظ، وللتوأم حظان، وللرقيب ثلاثة، وللحلس اربعة، وللنافس خمسة، وللمسبل ستة، وللمعلى سبعة، فجميع هذه