ذلكم سليمان: قلب ناضر ملؤه الحب والجمال، وشباب ثائر تتقاذفه الآلام والآمال، فهو بين يأس (أو شبه يأس) لولا جلال التاريخ ووقدة العزيمة لذهب بالأمل، وأمل لولا عزة الماضي وعمق جذوره لخبت جذوته واستحال رماداً، وروح قرارته خضم مائج لا يستقر، وكيف يستقر وفتوة الشباب تذكية ونكبات الضاد تمر به إعصاراً أهوج!
وهو من بعد أن سار سددت خطاء حماسة الشباب وحرارة الحياة، وهوان تكلم نطق الحب، حب تلكم الحياة الفتية المتدفقة المتألمة في كلامه، فما الحياة وما الحب إلا للوطنين القلب والضاد، وحسبه في هذين الغرضين - وقد أسراه - أن ينتقل بين أفنان لا حدود لرياضها وأن يضرب في لج لا ساحل لعبابه: الحب والبطولة - يا أخي القارئ - وقد أهدى إليهما ديوانه لأنه استوحاه منهما - الحب والبطولة حسب الشباب شبابا فهما الحياة بأجمل وأوسع وأقوى معانيها؛ وهل الفن إلا تعبير حساس عن الحياة؟
والحياة الخالدة هي أمنية كل حي فان وفقدانها سر شقاء الخيام. . ولكن سليمان خلد نفسه في خالدين. . وهل أروع من أن يخلد الإنسان ذاته في وطنه الصغير (القلب) وفي وطنه الأكبر (أمته)؟ وهل أحر لوعة من أن يشكو الإنسان مصيبته في أحدهما إلى الآخر؟