للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

تتفق في جوهر المشكلة ولكنها تفترق في صب التجربة الشعورية في القالب ألفني تبعا لاختلاف المعدن النفسي وما يقترن به من تفاوت في معدن التعبير. . . إنه اتفاق في جوهر المشكلة كما قلنا وعامل الإثارة واحد لا اختلاف عليه ونعني به القلق الذي يهز النفوس والعقول ويدفعها دفعا إلى محاولة الغوص في أعماق المجهول. قلق عند بيرون وقلق عند علي طه وقلق عند أبي العلاء، ولكن مصدر هذه الظاهرة النفسية يختلف عند الشاعر الأول عنه عند الشاعرين الأخيرين، حين تفسره عند بيرون بأنه فراغ الحياة من العطف والعاطفة. . . لقد عاش بيرون في مجتمع حرم فيه عطف الناس فثار حينا على الله والناس، وعاش أبو العلاء كل حياته وهو محروم من نعمة الشعور بالعطف الإنساني وبالعاطفة الأنثوية، وكذلك كان الآمر بالنسبة إلى علي طه ولكن في فترة محدودة من فترات الحياة، ومثل هذا الحرمان كفيل بأن يهز سكينة النفوس والعقول!

أنور المعداوي

<<  <  ج:
ص:  >  >>