أيديهم أداة الربط بين شخصية الكاتب وما كتب أو بين شخصية الشاعر وما نظم وتحول بينهم وبين السؤال الذي يبقى بلا جواب! لو رجع الدكتور إلى حياة شاعرنا فيما قبل الثلاثين كما استعرضناها في الفصلين السابقين، لأدراك أن الشعور بالحزن في (غرفة الشاعر) أو الشعور بالحيرة في (الله والشاعر) كان طبيعيا لا أثر فيه للتقليد والمحاكاة، وأن ذلك الروح الذي أحسه في هاتين القصيدتين كان روح الشاعر الذي تحير في صدق فالتقى في حيرته عن غير قصد مع بيرون، وتألم في صدق فالتقى في آلمه عن غير عمد مع موسييه
. . إن التشابه بين إنتاج الرومانسيين أمر لا غرابة فيه ولا موضوع للدهشة وافتراض الفروض، لأن الأجواء النفسية التي حلقوا فيها بالمشاعر وجالوا بالخواطر كانت متشابهة أو كان التوافق بينها جد قريب؛ ومن هنا لا يجوز لنا أن نسأل عن تلك العلاقات التأثرية بين أصحاب الآثار الرومانسية، ألا إذا استطعنا إن نثبت وجود شيء من تلك العلاقات بين جيته في (آلام فرتر) ولامرتين في (رفائيل)، وكونستان في (ادولف) , وشاتوبريان في (رينيه)!
ولقد قلنا أن مشكلة التفكير الإنساني في المصير وما يتعلق بها من بحث حول (شرعية) الثواب والعقاب مشكلة قديمة، ومما لا شك فيه أنها قد سبقت بقدمها أفكار هؤلاء الذين تعرض لهم الدكتور في حديثه وخص منهم بالذكر شاعرين هما بيرون وأبو العلاء. . . وإذن فلا مبرر للتساؤل عنا إذ كان علي طه قد تأثر بهذين الشاعرين في قصيدة (الله والشاعر) لأن الأمر واضح من إن يحتاج إلى سؤال!
إن المشكلة قديمة وجديدة في وقت واحد لأنها مشكلة الأمس واليوم والغد القريب والبعيد، مادامت هناك فترات قلق تمر بحياة الإنسانية المفكرة الشاعرة وتدفعها إلى إطالة التفكير فيما وراء الحياة. . هل نحن مسيرون؟ هل نحن مخيرون؟ هل نحن أصحاب إرادة فيما نقدم عليه من عمل أم إننا مجرد أدوات بين يدي قوة خفية توجهها كيف تشاء؟ أسئلة تعرضت لها الأجيال الماضية وتتعرض لها الأجيال الحاضرة وسوف تتعرض لها الأجيال المقبلة ما بقى هناك فكر يبحث في المصير وما يرتبط به من جزاء! وإذن فلا عجب إذا ما التقت أفكار الشعراء الثلاثة حول هذا المعنى الكبير في بعض ما خلفوا من أثار أدبية؛ آثار