والحب لها والإعجاب بها، ولست أكره أن تشاركني في هذا الرضى وأن تشاطرني هذا الحب والإعجاب، فاقرأ معي هذه القصيدة وقف معي عند بعض أبياتها وقفات قصارا. . . هذه الصور المتتابعة المختلفة حسان كلها، ولكنها بعيدة إلى حد ما عن المألوف من حياة شعرائنا الشرقيين إلا أن يكونوا مترفين قد ألفوا حياة الغرب وكلفوا بالسهاد في غرفة يطرب فيها نور ضئيل شاحب، وتفنى فيها بقايا الجذوة في الموقد، وكل هذا يألفه الغربيون، وهو يذكر بموسييهتذكير قويا. وبعض الناس يعيب شاعرنا (بتغريب) الشعر، أما أنا فأحمد له هذا النوع وأراه تشريف للشعر العربي ورياضة للذوق الشرقي وللغة العربية على أن يسيغاه ما لم يتعودا أن يسيغاه من قبل. وإذا كان لي أن آخذ الشاعر بشيء فهو ما قدمته من أن الأمر يختلط في شعره على القارئ فلا يدري ألقي زملاءه الغربيين والشرقيين مصادفة أم عن تعمد وسعي)!
إن السؤال مقصود هنا لأن اسم الشاعر الإنجليزي بيرون قد ورد في سياق الحديث الذي دار به الدكتور حول قصيدة (الله والشاعر) أما آثار بيرون الفنية التي لا (يدري) الدكتور هل لقيه فيها شاعرنا المصري مصادفة أم عن تعمد وسعي! أما تلك الآثار فلم يشر إليها بكلمة واحدة تفصح عن حقيقتها حين يطلب إلى الدارسين مثل هذا الإفصاح. . ولا ندري نحن هل كان يقصد مسرحية (قابيل) التي ذكرناها عند المقارنة بين الشاعرين أم كان يطلق القول إطلاقا بغير تحديد! إن غاية ما يقال هنا أننا قد تعرضنا لقصيدة علي طه ومسرحية بيرون، وانتهينا إلى أنهما متفقتان في الهدف ولكنهما تفترقان في خط السير حتى ليذهب كل من الشاعرين في طريق. وما أبعد الشقة في بينهما حساب النقد الذي يلمس الفارق بين فكرتين قد اختلفت حولهما القيم الشعورية والتعبيرية!
لقد أدار الدكتور المفتاح مرة أخرى في ثقب الباب ولم يفتح؛ أما ذلك المفتاح فلم يكن غير تلك العبارة التي ساقها وهو يفترض وجود شيء من التجاوب الفني بين علي طه وموسيه. . ترى أهو روح الذي قرأ فتأثر، أم هو روح الذي أحس فتألم، فشكا، فلقي موسيه في هذا كله أو في بعضه؟ أن الدكتور هنا أيضا لا (يدري) ولا يستطيع أن يقطع برأي لأنه لا يملك الدليل. . والدليل الذي يعوز الدارسين كما قلنا ونحن نتحدث عن هذه القصيدة في باب الدراسة المذهبية مرجعة إلى عدم الإحاطة بظروف الحياة التي تنتج الفن، وتضع بين