للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

هو نادي القوم يجتمعون فيه في ليل الشتاء، وقد أوقدوا ناراً واحضروا جزورهم ونحرها الجازر وقسمها عشرة أجزاء، بعد أن ترك لصاحب الجزور (الثنيان) وهو ما استثنى لنفسه من الرأس والأطراف في غالب الأمر، وبعد أن حفظ لنفسه (الريم)، كما سبق القول عند الكلام على الجزار

١ - ويحضر الحرضة ومعه الخريطة والقداح، حينئذ يتبارى رؤوس القوم وأشرافهم في أخذ القداح، فأعلاهم قدراً هو من يأخذ المعلى ذا الحضوض السبعة، وأقلهم شأناً هو صاحب (الفذ) الذي له حظ واحد

وذلك أن نظام الميسر مبني على قاعدة الغنم بالغرم، أي أن من يتعرض لأخذ أكبر السهام حظاً يكون لديه استعداد أن يغرم أكبر الغرم حينما يخيب حظه إذ أن الغرم يتناسب تناسبا مطردا مع الغنم وأما صاحب الفذ فهو إن فاز بحظ واحد، وإن خاب تحمل مغرم حظ واحد

٢ - وبعد أن يختار القوم سهامهم ويسجلها عليهم الرقيب توضع هذه السهام ذوات الحظ في الخريطة ومعها السهام الإغفال الثلاثة التي لا حظ لها

٣ - ويؤتى بالحرضة، وهو المكلف بإجالة القداح في الخريطة، ثم يأخذ ثوب شديد البياض فيلف على يده، ويسمى ذلك الثوب (المجول). وإنما يجعل ذلك الثوب على يده ليعشى بصره ولا يعرف قدح زيد دون عمر. هذا بعد أن تلف يده بقطعة من جراب، مبالغة في الحيطة. وأحيانا يعصبون عينيه ويلفون يده. وتعصب الخريطة على يدي الحرضة

٤ - ويجلس خلفه الرقيب وقد استدار الأيسار حوله، ومن خلفهم جمهور النظارة يشهدون ما يكون من ذلك، وفي هذا الجمهور طائفة الفقراء، الذين يحملون بؤسهم بجهل وعناء تدور أعينهم فوق كومات اللحم، وتشرأب أعناقهم وأسماعهم نحو الحرضة والرقيب

٥ - وبعد أن يكتمل المجلس يصدر الرقيب أمره إلى الحرضة أن يجيل القداح وأن يجلجلها في الخريطة، فيفعل ذلك مراراً، فان فعل أمره أن يفيض القداح، أي أن يدفعها إلى فم الخريطة

٦ - وحينئذ يبرز أحد القداح فيستله الحرضة، وهو أن كان غير معصوب العين لم ينظر إليه في هذه الحالة، ثم يناوله الرقيب، وتحدث عندئذ ضجة من الرقيب يعلن فيها اسم الفائز، يصيح بأعلى صوته: هذا قدح فلان، أو فاز قدح فلان. ذكر ذلك الخليل في تفسير

<<  <  ج:
ص:  >  >>