العربية والإسلامية ما كان من المستطاع الإشارة إليها عن طريق الكتابة العادية
وليس من شك أن اللغة العربية كانت خلال حياتها الطويلة ظهيرا لأصحاب الآراء الحرة في إذاعة آرائهم وتسجيلها عن طريق الأدب الرمزي في الأوقات التي كان يحال فيها بين الأحرار وبين إعلان آرائهم عن طريق الكتابة الصريحة. .
وليس قصائد اللزوميات التي أنشأها المعري، وليست رسالة الغفران والفصول والغايات جميعها إلا من هذا الأدب، وقد كان صاحبها لا يستطيع أن يقول للناس كل شيء في صراحة فكان يضمن شعره هذه المعاني ويدعها ليفهمها من يفهمها على الوجه الذي يريد
وليس كتاب البخلاء وغيره من آثار الجاحظ إلا (أدبا رمزيا) قصد به الجاحظ إلى تصوير بعض الشخصيات التي كانت تعيش في عصره، لم يكن يستطيع أن يجهر بهجائها وإعلان الخصومة لها فوجد في هذا الأدب الرمزي كثيرون من الكتاب في عصرنا الحديث في مقدمتهم الدكتور طه حسين وهو يقول في مقدمة كتابه (المعذبون في الأرض) الذي صدر أخيرا
(هذا الأدب الجديد الذي أنشأته حكومات الطغيان إنشاء حين اضطرب الكتاب إلى العدول عن الصراحة إلى فنون من التعريض والتلميح. ومن الإشارة والرمز، حتى استقل هذا الأدب بنفسه وتنافس القراء عليه تنافسا شديدا، وجعلوا يقرءون ويؤولون، ويناقش بعضهم البعض في التأويل والتحليل واستخراج المعاني الواضحة من الإشارات الغامضة. وأنظر إلى ما نشر صاحب هذا الكتاب من جنة الشوك وجنة الحيوان، ومرآة الضمير الحديث، وأحلام شهرزاد فلن ترى ألا رمزا لمظاهر كنا نبغضها ولا نستطيع أن نتحدث عنها في صراحة أثناء تلك الأيام السود: فكنا نؤثر الغموض على الوضوح، والرمز والألغاز على تصريح، والإشارة والتلميح على تسمية الأشياء بأسمائها وكانت حكومات ذلك العهد ورقابتها تقرا فلا تفهم فتخلى بين الكتاب وما يكتبون، وتخلي بين القراء وما يذاع فيهم من ذلك الأدب الجديد)
اللهجات العربية
ومما دار من حديث في ندوة (الشورى) ما أثاره الأستاذ الشافعي اللبان من أنه كان خلال فترة الصيف في جينيف لا يفهم كثيرا اللهجات العربية المغربية، ومما قاله في هذا أنه