استمع إلى بعض أهالي المغرب وهم يتحدثون، فوجد أنه لا يستطيع أن يفهم منهم كثيرا مع أنهم يتكلمون باللغة العربية وكان يسأل في هذا السيدين الوزاني والفضيل
وقد أجاب الأستاذ الفضيل على هذا بأن في اللغة العربية كلها حوالي ١٥٠ كلمة هي التي تحول دون فهم أهالي البلاد العربية بعضهم بعضا وهي ليست كلمات عربية بالطبع، وإنما هي كلمات عامية أو لهجات
وبينما يعتبر المغربيون أنفسهم يتكلمون اللغة العربية الخالصة، لا يجد المصريون الذين هم في مثل ثقافة الأستاذ الشافعي اللبان قدرة على فهم الكثير من أحاديث أهل المغرب، ومثل هذه المشكلة تقع بالنسبة للمغربي والشامي أو بين المصري والعراقي
ومما قاله السيد الفضيل الورتلاني: أنه أحصى أثناء أقامته في بيروت حوالي ٦٠ كلمة (لبنانية - سورية) هي الحائل بين فهم المغاربة للهجات الشوام. وكذلك في لغة المغاربة حوالي ٤٠ كلمة؛ فلو أن كتابا وضع في بيان هذه الكلمات وشرحها والتقريب بين المتشابه منها في اللهجات المختلفة لامكن تضييق شقة هذا الخلاف اللغوي ولأصبح العراقي مفهوما في المغرب والمغربي مفهوما في مصر
محمد فريد (المؤرخ)
في الأسبوع الماضي، كان موعد ذكرى محمد فريد (قديس الوطنية المصرية) كما أطلق عليه ذلك الأستاذ عبد الرحمن الرافعي المؤرخ الكبير، وفريد خليق حقا بهذا اللقب فقد ضحى في سبيل بلاده بكل شيء وكان علما خالدا على التضحية في تاريخ مصر والشرق جميعا
. . . ولكن (محمد فريد) يدخل في هذه الصفحة أيضا من باب الأدب، فقد كان كاتبا من أعلام الكتابة والبيان، ومؤرخا غاية في القوة والتثبت والوضوح وهي أبرز علامات الكاتب الناضج والمؤرخ المنصف
حدثني أول أمس الأستاذ محمد علي الطاهر المجاهد العربي وصاحب الشورى، وقد رأيت معه كتابا ضخما يعني بتجليده، وتغليفه ويبذل في ذلك جهدا كبيرا؛ فلما سألته عنه قال هذا كتاب قرأته في خلال ثلاثين عاما، مرتين. . وأنا أقراه اليوم للمرة الثالثة
قرأته سنة ١٩٢٢ في طبعته الأولى وسنة ١٩٣٥ في طبعته الثانية وأنا اليوم إقراء طبعته