(٨) إخباره لوفد أهل جرش - باليمن - بما أصاب قومهم من تقتيل صرد بن عبد الله لهم.
إلى غير ذلك من الحوادث - ذكرها الكاتب أم لم يذكره - مما اتخذها أدلة على علم النبي (بالغيب)، وهي - إن كثرت أو قلت - لا تغني في تقوية ما زعم، ولا تكفي لتصحيح ما ادعاه.
وأول ما نريد نقضه من قواعد زعمه ما زين له من الاحتجاج بما اقره علم النفس الحديث من (قراءة الأفكار) و (إحضار الأرواح ومحادثتها).
فليس ما كان يوحى إلى النبي عليه السلام من (غيوب محدودة معدودة من قبيل قراءة الأفكار، وإحضار الأرواح. وإن فما الفرق بينه وبين الناس العاديين الذي يحترفون هذين العملين الوهمين - على الصحيح -؟
إن الحجة يجب أن تكون من جنس المحتج عليه. وعرف النبي ببعض (الغيوب) كان وحياً إلهياً، لا أكثر ولا أقل وهذان العلمان أو الوهمان ليسا كذلك بلا مراء، ثم إن علم النبي ببعض (الغيوب) لا يصححه لدينا أو يصوبه ويؤكده لنا شيء من هذه التجارب والمعارف الحديثة؛ وإنما نؤمن به، كما نؤمن بالقرآن الذي يذكر لنا أن محمداً عليه السلام أوتى بمعجزات عديدة، كما أوتى النبيون من قبله معجزات أيضاً. ولا نزيد.
وهذا (القرآن) الذي نؤمن به، ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ونؤمن بما ذكره عن معجزات الأنبياء جميعاً - يذكر في آيات صريحة فصيحة مكررة مؤكدة: أن النبي عليه السلام كان لا يعلم الغيب كلياً، ومطلقاً ودائماً.
- (قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله).
من سورة النمل
(قل لا أملك لنفسي نفعاً أو ضراً إلا ما شاء الله، ولو كنت اعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء. .)
من سورة الأعراف
- (قل ما كنت بدعا من الرسل، وما ادري ما يفعل بي ولا بكم. .) من سورة الأحقاف
- (قل لا أقول لكم عندي خزائن الله، ولا أعلم الغيب. .)