اجل لو كان النبي عليه السلام يعلم الغيب كله، لاستكثر من الخير، ولما مسه سوء أعدائه ومكائدهم، ولاتخذ من كل أذى حمى، وحسب لكل هزيمة من المعارك التي هزم فيها المسلمون حساباً، ولما أسف على كفر من كفر، وما حزن على مسارعة من يسارع إلى الكفر، أو على قول من يقولون له لست مرسلاً. . أو من يطلبون منه مطالب الإعجاز والإعنات، لأن من يعلم ما سيحدث له لا يبالي به إذا حدث، لأن نفسه قد استقرت على تلقيه استقباله. .
ولكن النبي - كما يذكر القرآن في عدة مواضع - كان بأسف وكان يحاول أن يبخع فسه، وكان يضيق صدره، بما يفاجأ به من أحداث.
وبعد فما كان همي أن اقرر ما قررت من عدم علم النبي بالغيب مطلقاً، في ردي من زعم هذا العلم. فذلك واضح في القرآن والسنة، ولكن همي أن افرق بين علم النبي ببعض الغيوب، وبين قراءة الأفكار وإحضار الأرواح وغيرهما من تجارب العصر الحديث، التي لم تصل بعد إلى درجة اليقين، أو التي لا تعد علما بالغيب - بالمعنى الصحيح - وإنما تعتبر من قبيل التفهم والتفرس واشتداد قوتهما عند بعض الأذكياء من الناس.
وهمي كذلك ألا يتخذ بعض المحترفين ما زعمه الكاتب حجة لهم فيما يحترفون من قراءة أفكار، وإحضار أرواح. . .