اتصالاً مباشراً بناموس الوجود. . . كيف تتلقى هذه الإشارة، وبأي جهاز تستقبلها؟ نحن في حاجة - لكي نجيب - أن تكون لنا نحن هذه الطبيعة التي يهبها الله من يشاء من عباده. و (الله اعلم حيث يجعل رسالته).
كل الرسل أدركوا حقيقة (التوحيد). وكلهم بعثوا بها. ذلك أن إيقاع الناموس الواحد في حسهم كله هداهم إلى مصدره الواحد الذي لا يتعدد - وإلا لتعدد الناموس وتعدد إيقاعه في حسهم، وهم المتصلون اتصالاً مباشراً بالناموس الكوني في أعماقهم - وكان هذا الإدراك في فجر البشرية، قبل أن تنمو المعرفة الخارجية، وقبل أن تتكشف بعض القوانين الكونية. . وكلهم دعا إلى عبادة الله الواحد، لأن هذا المنطق الفطري، الناشئ من إيقاع الناموس الواحد، في الفترة الواصلة، المتصلة بناموس الكون الواحد.
ويوماً بعد يوم تكشفت أطراف من قانون الوحدة الأزلي الخالد في نظام الوجود. . . وحدة التكوين، ووحدة الحركة، وأخيراً - في هذه الأيام - وحدة (الذبذبات) لكل أنواع الذرات التي يتألف منها الكون المعروف. . . لقد تكشف أن الذرة - وهي طاقة - هي أساس تكوين جميع القوى والأجسام، ثم تكشف أن عدد (الذبذبات) الكهربائية واحد في جميع الذرات. . إنه طرف من قانون الوحدة يكتشف بمقدار ما تطيق الملاحظة والتجربة أن تبلغ. . أما الطبائع الخاصة الموهوبة فقد أدركت القانون كله في لمحة، لأنها تتلقى إيقاعه وتطيق وحدها تلقيه.
إنهم لم يجمعوا الأمثلة والشواهد على تلك الوحدة عن طريق التجارب العلمية؛ ولكنهم وهبوا جهاز استقبال كامل مباشر، فاستقبلوا إيقاع الناموس الواحد استقبالاً داخلياً مباشراً، فأدركوا إداركاً مباشراً أن الإيقاع الواحد لا بد من مبعث عن ناموس واحد، عن مصدر واحد. . واليوم تنبئ وحدة عدد الذبذبات الصادرة من جميع الذرات التي تلقتها أجهزة العلم الحديثة وسجلتها. . تنبئ على أن ذلك الجهاز اللدني في تلك الطبائع الخاصة الموهوبة، كان أسبق، وكان أدق، وكان أشمل وأكمل؛ لأنه أدرك ما وراء وحدة الإيقاع، من وحدة المصدر، ووحدة القدرة، ووحدة المشيئة.
ترى قد بلغت شيئاً في تصوير تلك المشاعر والمعاني، التي تفعم حسي تجاه الرسالة؟ أرجو. وإلا فليكتف القراء مثلي بتلك المشاعر والمعاني!