للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بحر إيجة ومنه إلى البحر الأبيض. وكان مفروضاً أن بلغاريا العظمى هذه ستقع تحت حماية روسيا وبذلك يتحقق الحلم الروسي وهو الوصول إلى البحر الأبيض.

لكن الدول وخاصة إنجلترا ثارت ضد هذه المعاهدة التي تضع البلقان تحت حماية روسيا وطلبت عرض المعاهدة على مؤتمر يعرض في برلين.

وقد اجتمع هذا المؤتمر في برلين في يوليو ١٨٧٨ تحت رئاسة بسمارك منشئ ألمانيا الحديثة ورئيس وزرائها إذ ذاك وكبير دهاة الساسة وقطب السياسة الدولية حتى إن الفترة من ١٨٧٠ - ١٨٩٠ تسمى بعصر بسمارك. وقد عبر بسمارك عن السياسة التي انتهجتها بقوله (لقد كنت سمساراً شريفاً). صحيح أن ألمانيا لم تأخذ لنفسها شيئا ولكنها أعطت ومنعت وأرضت وأغضبت فأثارت والبغضاء وأقامت الصداقات مما جعل هذا المؤتمر بحق مفترق الطرق في السياسة الدولية.

أخذت النمسا البوسنة والهرسك فرضيت وتوطدت صداقتها مع ألمانيا لأن المداد النمساوي كان أغلى من الدم الروسي، وغضبت روسيا وكان ذلك تمهيدا لانسحابها من تحالفها مع النمسا وألمانيا وقيام التحالف بينها وبين فرنسا ثم إنجلترا فيما بعد.

وأما إنجلترا فقد حققت ما كانت ترنو إليه إذ قضى المؤتمر على بلغاريا العظمى فأعيدت مقدونيا إلى تركيا وبذلك حرمت بلغاريا من شواطئ على بحر إيجة والبحر الأبيض، وجعلت بلغاريا الحقيقية إمارة مستقلة استقلالاً داخلياً وجعل الرومللي الشرقي إمارة يحكمها وال مسيحي فوافق السلطان على تعيينه.

وأخذت إنجلترا جزيرة قبرص ورضيت وعاد رئيس وزرائها دزرائيلي إلى بلاده يقول (لقد حققت السلام وجئت بصلح مشرف).

وجدير بي أن اذكر أنه في ذلك التاريخ لم يكن هناك ما يدعو إنجلترا إلى أن تعادي ألمانيا، ولكن ظهور مطامع ألمانيا الاستعمارية فيما بعد هو الذي إلى قيام العداء بينهما؛ وهو الذي محافظة العداوة التقليدية بين فرنسا وإنجلترا وأدى إلى قيام الصداقة بينهما؛ تلك الصداقة التي تجلت في وقوف جيوشهما جنباً إلى جب في الحربين العالميتين الأولى والثانية.

وأما فرنسا فقد كانت جريحة كسيرة إثر هزيمتها في حرب السبعين وانتصار ألمانيا عليها واحتلالها لبلادها، ولذلك لم يكن لها نصيب يذكر فقد كان المؤتمر تحت رئاسة بسمارك

<<  <  ج:
ص:  >  >>