وقد كان بسمارك يعمل دائماً على عزلة فرنسا ويحاول جاهداً إلا تجد لنفسها أصدقاء؛ وكان يؤمن بأن فرنسا لن تجرؤ على الوقوف في وجه ألمانيا طالما كانت وحيدة لا حليف لها.
على أن سخط روسيا على ألمانيا بسبب موقفها منها في المؤتمر كان الدافع الأول إلى أن تمد روسيا يدها إلى فرنسا ١٨٩٣ وقد انضمت إليهما إنجلترا ١٩٠٧.
وأما إيطاليا فقد غضبت لأن فرنسا استولت على تونس ١٨٨٢ وكانت إيطاليا تطمع فيها وبذلك انضمت إيطاليا إلى ألمانيا والنمسا، وهكذا انقسمت أوربا إلى معسكرين: إنجلترا وفرنسا وروسيا في جانب، وألمانيا والنمسا وإيطاليا في جانب آخر.
والصرب غضت لأن النمسا انتزعت منها ولايتي البوسنة والهرسك وهي تعتبرهما جزءاً منها وبذلك انضمت إلى جانب فرنسا وروسيا وإنجلترا، ولقد كان اغتيال طالبين صربيين لولي عهد النمسا في ٢٨ يونية ١٩٠٤ سبب قيام الحرب العالمية الأولى.
وتركيا غضبت على أصدقائها لأن هؤلاء الأصدقاء كانوا في الواقع أعداء، كانت مصالحهم سبب صداقتهم، كان أهم هؤلاء الأصدقاء إنجلترا وفرنسا. أما إنجلترا فقد أخذت قبرص ١٨٧٨ واحتلت مصر ١٨٨٢، وأما فرنسا فقد استولت على تونس ١٨٨٢.
وكان مسلك إنجلترا فرنسا هذا سببا في إغضاب تركيا مما دفعها إلى أن تتجه شطر ألمانيا، وكانت ألمانيا قد بدأت تغير من سياستها وتعمل على اتخاذ مناطق نفوذ لها فرحبت بصداقة تركيا وعملت على مد يد المعونة إليها وشرعت في ربط تركيا بألمانيا وإنشاء سكة حديد برلين - بغداد مما أثار مخاوف إنجلترا.
وقد وقفت تركيا بجانب ألمانيا في الحرب العالمية الأولى، أما إيطاليا فبرغم أنها كانت حليفة لألمانيا وقت على الحياد في أول الحرب، حتى إذا تجلى لها كفة الحلفاء (إنجلترا وفرنسا) راجحة نكثت بعهدها ونقضت سابق تحالفها وانضمت إلى الحلفاء ١٩١٥.
وقد بذل الأتراك خلال الحرب العالمية الأولى ١٩١٤ - ١٨ جهودا جبارة في الدفاع عن بلادهم وانزلوا بالإنجليز خسائر فادحة في موقعة غاليبولي ١٩١٦ وردوهم عن بلادهم، وكذلك قضوا على عدة حملات بعثت بها إنجلترا إلى العراق، ولكن تلك الجهود لم تؤثر في نتيجة الحرب فسرعان ما سقطت العراق وفشلت حملة فلسطين ومصر وتقدم الجنرال