وأدراعا، فقالت له قريش: يا عبد المطلب، لنا معك في شرك وحق!! قال: لا، ولكن هلم إلى أمر نصف بيني وبينكم، نضرب عليها بالقداح. قالوا: وكيف نصنع؟ قال: أجعل للكعبة قدحين، ولي قدحين، ولكم قدحين، فمن خرج له قدحاه على شيء كان له، ومن تخلف قدحاه فلا شيء له. قالوا: أنصفت! فجعل قدحين (أصفرين) للكعبة، وقدحين (أسودين) لعبد المطلب، وقدحين (أبيضين) لقريش، ثم أعطوا تلك القداح لصاحب القداح التي يضرب بها عند (هبل)، فضربها على الغزالين فخرج (الأصفران) فكانا من نصيب الكعبة، ثم ضربها أخرى على الأسياف والدروع فخرج (الأسودان) فكانا من نصيب عبد المطلب، وتخلف قدحا قريش لم يظفرا بشيء. فضرب عبد المطلب الأسياف بابا للكعبة، وضرب في الباب الغزالين من ذهب، فأرضى بذلك نفسه وشعوره الديني العميق، وحسم الخلاف بينه وبين قومه بما حكم به (هبل)، وهو الذي لا يرد له قضاء!!
٢ - والمرة الثانية حينما نذر حين لقي من قريش ما لقي عند حفر بئر زمزم واستخفافهم به لقلة ولده: لئن ولد له عشرة نفر ثم بلغوا معه حتى يمنعوه لينحرن أحدهم لله عند الكعبة!! فلما توافى بنوه عشرة وعرف أنهم سيمنعونه جمعهم ثم أخبرهم بنذره، ودعاهم إلى الوفاء لله بذلك، فأطاعوه وقالوا: كيف نصنع؟ قال: ليأخذ كل رجل منكم قدحا ثم يكتب فيه اسمه ثم ائتوني. فغفلوا ثم أتوه، فدخل بهم على (هبل) في جوف الكعبة، وكان منصوبا على بئر يجمع فيها ما يهدي إلى الكعبة. فلما أخذ صاحب القداح القداح ليضرب بها قام عبد المطلب عند (هبل) يدعوا الله جاهدا، ثم ضرب صاحب القداح فخرج القدح على (عبد الله) وهو أعز ولده عليه، فأخذ عبد المطلب بيده وأخذ الشفرة، ثم أقبل به إلى إساف ونائلة ليذبحه، فقامت إليه قريش من أنديتها، وكذلك قام بنوه، فقالوا: والله لا تذبحه أبدا حتى تعذر فيه! لئن فعلت هذا لا يزال الرجل يأتي بابنه حتى يذبحه، فما بقاء الناس على هذا؟!
وكان أن لجئوا إلى عرافة في (خيبر) يسألونها في ذلك، فقالت: كم الدية فيكم؟ قالوا: عشرة من الإبل. قالت، فارجعوا إلى بلادكم ثم قربوا صاحبكم وقربوا عشرا من الإبل، ثم اضربوا عليه وعليها بالقداح، فإن خرجت على صاحبكم فزيدوا من الإبل حتى يرضى ربكم، وإن خرجت على الإبل فانحروها فقد رضى ربكم ونجا صاحبكم!
فرجعوا إلى مكة وضربوا بالقداح بين عبد الله وبين عشر من الإبل، فخرج القدح على