انظري يا نفس هذا العجبا ... أترين القوم أصحاب النبي؟
كيف لا بست زماناً غربا؟ ... كيف عادت سالفات الحقب؟
وعلا التأذين في الفجر الرهيب ... موقظاً تهداره كل نؤوم
فتيقظت وفي قلبي وجيب ... كحبيس الطير في كف ظلوم
مطبقا عيني على الحلم العجيب ... بالتذاذ أتمنى لو يدوم
خلتني يقظان حتى أكذبا ... حاضر أبصرته عن كثب
صحت لما بان لي منقلبا: ... إن هذا أسوأ المنقلب!
حاضر أقبح به من حاضر ... وثبت فيه على الأيد القرود
قد تجلى عن خؤون غادر ... دغل النبات جياش الحقود
أخضع العرب لحكم جائر ... قد قضى أن يستنيموا لليهود
لعب اليوم بهم ما لعبا ... ولكم جد يرى في اللعب
شقهم لا دولا بل عصبا ... ثم أشقاهم بحرب العصب!
فيم هاجت بينكم (حرب البسوس) ... يا معيدي نكبة (الأندلس)؟
أعلى الميراث أحقاد النفوس؟ ... أم على تسليمه المختلس؟
أم بقايا من رمال وضروس ... هيجت من شهوات الأنفس؟
أخجلوا يا قوم صرتم عجبا ... في الدنا، بل لعنة في الكتب
ما أضعتم وطناً، بل حسبا ... أين من يحمي لرد الحسب؟
أمة قد أنسيت أوطارها ... فأدارت في المناحات الكؤوس
وأثارت للهوى أوتارها ... والأعادي في مغانيها تجوس!
فمتى ترحض عنها عارها؟ ... ومتى تعبس في يوم عبوس؟
إنما يلعب حر غلبا ... لا حريب مبتلى بالنوب
أو عزيز سيم خسفا فأبى ... لا الذي أضحى وطئ المركب
لا تلمها، إنما خذلانها ... جره التضليل من قوادها
جار عن نهج الهدى ركبانها ... إذ جروا فوق خطا روادها
كل من تبصره يختانها ... لا يبين الصدق في إرشادها