الألبان واليونان والبلغار وحثالات كل الأجناس وليس فيهم من يعرف شيئا عن فنون الحرب. . . تخيل هؤلاء أمام خمسة عشر ألف فارس من فرسان الجيش التركي العظيم.
عسكرت هذه الفرقة أمام نهر بروث وأمامها مدفعان قل في الفرقة من يعرف كيف يستعملان. وكان بود الأتراك أن يبدءوا بإطلاق النار ولكنهم في تشبث وعناد أرادوا أن نكون نحن البادئين.
وكان قائدنا بحمد الله لم يسمع قط صوت رصاصة تطلق، فلما بدأ الجيشان بإطلاق الرصاص في الهواء نفر سمعه، ونفد صبره، وتقدم جيشنا متوعدا الجيش التركي بثباته ثم ارتبك فلم يعرف ماذا يفعل. ثم بدا له أن يجري فجرى على شاطئ النهر وجرى وراءه جيشه. وفي أثره كتلة الجيش التركي.
وكان هذا القائد الذي هدد جيش الترك بإصبعه يدعى خوتشفسكي ولا أعرف ماذا صار إليه أمره.
وفي اليوم التالي هاجم الأتراك الثوار وعلى خلاف عادة الترك لم يستعملوا المدافع، بل استعملوا السلاح الأبيض، فكنت ترى الرمح في يد كل جندي. ولم يكن الأتراك قد استعملوا الرماح من قبل. وكانت رماحهم روسية سلبوها من جنودنا في موقعة سابقة. جرح كرد علي في تلك الموقعة، وقتل سفيانوس. وكان كانتا جوني عظيم الجسم فأصابته حربة في بطنه فاستل سيفه بإحدى يديه، وقتل نفسه حتى لا يموت بسلاح العدو.
وبانتهاء هذه الموقعة تم النصر للأتراك. وخلت مولدا فيا من الثوار إلا ستمائة ألباني تشردوا في أنحاء بسار أبيا. ومع أنهم كانوا لا يكادون يحصلون على القوت فإنهم كانوا شاكرين حماية روسيا وكانوا يرون جلوسا في المقاهي الصغيرة في بسار أبيا التركية الروسية وعلى أفواههم أقداح القهوة. وقد أخذت الرثاثة تبدو على أكسيتهم الملونة وأحذيتهم الحمراء. ولكن طرابيشهم المطولة ذات الزر الطويل كانت لا تزال مائلة إلى أحد الجانبين. وكانت الخناجر والمسدسات لا تزال على مناطقهم ولكن أحدا لم يشك فيهم، فقد كان من المحال أن يتصور إنسان أن هؤلاء المساكين بقية من ثوار مولدا فيا زملاء كرد علي وأن كرد علي نفسه كان بينهم.
على أن الباشا التركي علم بهذه الحقيقة وطلب إلى السلطات الروسية عملا بالمعاهدات أن